تناقلت وسائل الإعلام خبر زلزال اليابان العنيف، والذي ذهب ضحيته الآلاف، ولاشك أن هذا أمر الله سبحانه وتعالى، فكل شيء في هذه الدنيا بأمره وإرادته وبعلمه، فلا يقع شيء في السموات والأرض إلاّ أحاط به علمه، وسبق به كتابه، ومن الأقدار ما هو خير، وما هو شر، وعلينا الإيمان بالقدر خيره وشره، فهو أحد أركان الإيمان الستة قال تعالى: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلاّ في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير) (الحديد).. وقال صلى الله عليه وسلم: “إن أول ما خلق الله القلم فقال له أكتب قال: يا رب وما أكتب؟ قال: أكتب مقادير كل شيء حتى يوم القيامة”، رواه أبو داوود. ولا شك أن ما يصيب الإنسان في ماله، أو نفسه، أو أهله ما هو إلاّ من الابتلاء والامتحان الذي هو من سنن الله الجارية على عباده لتكون سببًا في رفع المنزلة، ومحو الخطايا لمن صبر واحتسب كمال قال تعالى: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) (البقرة).. ولكن يجب علينا أن نتّعظ من الحوادث والمصائب والزلازل التي قدّرها الله، وكتبها على الآخرين، ولا نتركها تمر بنا مرور السحاب، فهي آيات من الله، ورسالة واضحة لجميع البشر، وتذكرة لأصحاب القلوب الحية، والعقول السليمة، فإن ما أصاب غيرنا قد يصيبنا نحن كذلك، ولذا علينا الإسراع في التوبة إلى الله، والإنابة إليه، ومراجعة ة أنفسنا، ومحاسبتها، والإقلاع عن المعاصي والذنوب، وعض أصابع الندم على ما فرطنا في جنب الله، والصدق في التوبة لكي تكون توبة نصوحًا صادقة، ولنسارع في ذلك ولا نؤجّل، أو نسوّف، فأبواب التوبة مشرعة ليل نهار للتائبين، قال تعالى: (فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم)، (المائدة).. وللتوبة شروط أربعة، ثلاثة منها لله، والرابع خاص بحق الآدميين: الإقلاع عن المعاصي، والندم على التفريط وفعل المعاصي، والنية الصادقة والعزم الأكيد على عدم العودة إلى المعاصي، والبراءة من حقوق الناس المادية والمعنوية.. وعلى المفرّط وصاحب المعاصي أن لا يقنط من رحمة الله ولو كانت ذنوبه مثل زبد البحر، قال تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم)، وهذه قصة واقعية حدثت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أسردها للتبشير برحمة الله وعفوه، روي عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إني لقيتُ امرأة في البستان، فضممتُها إليّ، وقبّلتها، وفعلت بها كل شيء، إلاّ أنني لم أجامعها، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ساعة: فنزلت هذه الآية: (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفًا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين)، فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم، وقرأ عليه الآية، فقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: يا رسول الله أله خاصة أم للناس عامة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل للناس عامة.. (اللهم اهدِ ضال المسلمين، وردهم إليك ردًّا جميلاً.. آمين). حمود محمد الشميمري - جدة