أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار رئيس مؤسسة التراث الخيرية، أن التراث العمراني أصبح أحد أهم الموارد الاقتصادية للمدن، وأحد أهم مكونات شخصيتها على مستوى العالم، وأشار إلى أن هذا الأمر يجعل من الاهتمام بالتراث العمراني الأصيل، واستلهام العناصر المكونة للمدن التراثية في عملية التخطيط والتطوير الحضري الحديث يمثل أمرًا مهمًا للغاية في وقتنا الحالي. وشدد سمو الأمير سلطان بن سلمان في الكلمة التي ألقاها في حفل افتتاح مؤتمر عجمان الدولي للتخطيط العمراني في دورته الخامسة البارحة الأولى، برعاية صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم إمارة عجمان، في مقر جامعة عجمان بدولة الإمارات العربية المتحدة، على أهمية استعادة دور التراث العمراني بشكلٍ مستدام، واستلهام تجربة المدن التاريخية العربية الأصيلة، التي تتيح التقاطع والتواصل اليومي بين سكانها، وتوفر لهم مناطق التقاءٍ إنساني حقيقي، حتى لا يبقى التواصل الاجتماعي «افتراضيًا فقط». وأوضح سموه، أن التراث في مدينة الرياض يمثل البداية الحقيقية لأنسنة المدينة، وهو لا يعني البنيان فقط، بل يعني حضور التاريخ المجيد لأمةٍ بَنَتِ الأمجادَ وتُسهِم اليوم في بناء مستقبل الإنسانية بكل جدارة، مؤكدا أن تجديد التراث في الرياض -كما هو في كل موقع من هذا العالم- يعني أن يصبح التاريخ الإنساني للأمم مُعاشًا حيًا على أرض الواقع، ويعني ربط الأجيال من الشباب بتاريخ أمتهم. وقال: «في المملكة انطلقنا من هذا المنظور، وفي إطار تعاونٍ بل تضامنٍ وثيقٍ بين مؤسسات الدولة والقطاع الخاص والمجتمعات المحلية، نحو تطوير 10 مواقع من أواسط المدن واستعادة شخصيتها التاريخية وفاعليتها الاقتصادية، وتطوير منظومةٍ من القرى التراثية ومواقع التراث العمراني الأصيل وصلت إلى 40 موقعًا وتحويلها إلى مصدر اعتزازٍ ونموٍّ اقتصاديٍّ ومواردَ ثقافيةٍ غزيرة، وقد قمت بتسجيل هذه المحاولة في كتابِ «سيرةٌ في التراث العمراني» وهو بين أيديكم في هذا المؤتمر، كما أنني أقوم حاليًا بتسجيل التجرِبة بشكلٍ موسعٍ في كتاب آخر يركز على غنى التراث العمراني، وأهميته، ودوره في صنع هُوية المدن المعاصرة ومستقبلها». مدينة تسابق الزمن وأكد أن الرياض حقيقةً مدينةٌ تسابق الزمن في عدة اتجاهات، وقد وعت بعد فترةٍ من الزمن جارت فيها الحداثة المطلقة على المكونات التراثية والبيئية للمدينة، وعت أهمية استعادةِ تلك المكونات، وإعادة ضبط توجهات التنمية الحضرية لتواكب طموحات السكان وتطلعاتهم لمدينتهم، فالمدن هي السكان وليست العُمرانَ فقط، وعند اختلال هذه الحقيقة تتخلف المدن عن مجاراة الواقع، وتفشل تلقائيًا. وأوضح أن الرياض بدأت في تبني وتعزيز الجانب الإنساني للمدينة منذ إقرار خطة التطوير عام 2004م، ولقد تشرفت آنذاك بصفتي واحدًا من السكان الذين دُعُوا لتقديم مرئياتهم عن مستقبل مدينتهم. تطوير مستمر ولفت إلى أن الرياض انطلقت في تطوير المرحلة الأولى من مشروع وسط الرياض ومركز الملك عبدالعزيز التاريخي وأنجز ذلك كأول مشروعِ تطويرٍ حضريٍّ تراثيٍّ للمدينة، وانطلقت بعد ذلك في تطوير الدرعية التاريخية، التي تم تسجيلها مؤخرًا موقعَ تراثٍ عالميٍّ على قائمة اليونسكو، وقامت بتطويرٍ شاملٍ لوادي حنيفة، الذي حاز بدوره على عدد من الجوائز العالمية المرموقة كمشروع تطويرٍ بيئيٍّ (حضريٍّ) وعمرانيٍّ متكاملٍ، وتنطلق الرياض اليوم في تطوير منظومةٍ من حدائق الأحياء والساحات العامة المجهزة للسكان، بالإضافة إلى مشاريعَ بيئيةٍ ترفيهيةٍ. وأكد سمو الأمير سلطان بن سلمان أن المملكة تبنت منظور أن التراث لا يعني القديم فقط، وقامت أجهزة الدولة ممثَّلةً في الهيئة العامة للسياحة والآثار وشركائها بتبني عددٍ من البرامج التي تركز على تغيير هذه النظرة السلبية بدءًا من المدارس من خلال برامجَ مركزةٍ مع وزارة التربية والتعليم. وأعرب سمو الأمير سلطان عن شكره لسمو الشيخ حاكم إمارة عجمان نظير دعوة سمو رئيس الهيئة للمشاركة في هذا المؤتمرِ المهمِ، مقدرًا سموه اهتمامَ إمارةِ عجمانَ بموضوع المؤتمرِ. من جهته، قال الشيخ راشد بن حميد النعيمي رئيس دائرة البلدية والتخطيط في إمارة عجمان، إن المؤتمر حقق خلال أربع سنوات مضت نجاحات كبيرة، حيث وصل المؤتمر للعالمية، كما ساهم في جمع كبار المعماريين في العالم في إمارة عجمان، مبينًا أن المؤتمر سيعمل على الخروج ببحوث ودراسات تخدم القطاع التخطيط والعمارة.