شباب يختلفون عن غيرهم، رفضوا البطالة وشمروا عن سواعدهم وتوجهم لأقرب ورشة ميكانيكا طلبًا للعمل الشريف، تعبوا وعانوا حتى حصلوا على الخبرة بجهدهم وتعبهم وعرق جبينهم، تركوا الخجل والتكاسل جانبًا وتوجهوا للعمل الصالح ليستطيعوا أن يصرفوا على أنفسهم وعائلاتهم، نجدهم عند بعض الطرق السريعة وفي الأحياء المزدحمة وقد افتتحوا محالًا كبيرة لهم من أجل البيع والشراء والصيانة، الشباب فكيف دخل هؤلاء إلى هذا المجال؟ ومن ساعدهم على ذلك؟ “الرسالة” التقت بعض هؤلاء واستفسرتهم فأفادوها بالتالي: اكتساب الخبرات بداية أوضح الشيخ مقبول الحكمي أن دخل هذه الحرف اليدوية في العادة قد يفوق رواتب بعض الموظفين ويقول: للأسف كثير من الشباب نجدهم يرفضون العمل في هذه الأعمال والحرف اليدوية التي ليس بها أي عيب، سواء كان ميكانيكا أو في محلات البنشر أو غيرها، فالمرء الذي يتكسب من عمل يده خير من الذي يجلس في بيته، فالشاب يمكن أن يعمل مبدئيًا في أي ورشة ولو بمقابل مادي زهيد فقط لكسب الخبرة والتدرج في العمل، ومن ثم بإمكانه مع مرور الوقت أن يفتتح محلًا خاصًا به، سواء أكان بالإيجار أو التمليك. ونوه الحكمي بأن مثل هذه الأعمال ليست بحاجة لشهادات معينة، فهذه الأعمال بإمكان أي شخص العمل بها سواء كان متعلمًا أو غير متعلم، ولكن هذا لا يقلل من قدرها، إنما تظهر هنا مهارة المرء في العمل ورغبته في الكسب الحلال. وطالب حكمي جميع الشباب بترك الخجل من العمل في هذه المهن، وأن يعملوا بجد وإخلاص لأن هذه الدنيا لا تسير كما يرجوها المرء، وعلى الجميع المكافحة والجد فيها ليحصل على لقمة عيشه، وأنه ليس من السهولة العثور على ما يرجوه من حياة آمنة مستقرة إلا بالعمل والجد والإخلاص وكان الأنبياء رضوان الله عليهم عملوا في معظم الأعمال التي يتحرج منها شباب جيلنا الحالي. وضرب الحكمي قصة لأحد الصحابة المهاجرين عندما قابل إخوته من الأنصار ولم يطلبهم المال وإنما طلب منهم أن يدلوه على السوق وهنا نرى كيف كان العمل في السوق له أهميته ولا يوجد سبب للتحرج منه. ناقص من يرفضها أما المستشار الاجتماعي الأستاذ عبدالرحمن الشهراني فقد بين أن العمل في المقام الأول مبدأ وقيمة اجتماعية حث عليها الإسلام وهي السبيل الوحيد ليعيش الإنسان بكرامة بدلًا من التسول وطلب المعونة والمساعدة من الغير، وقال: قد نرى البعض يطمح لأعمال أرقى ودخلها أكثر بكثير مما يعملون فيه ولكنهم يتناسون أن هذه الأعمال لم تأت من فراغ وإنما بالجد والدراسة ولكنهم قد يظنون أن دخلها أكثر، سواء أكان ميكانيكًا أو كهربائيًا أو في محلات زينة السيارات، فتلك الأعمال رواتبها ثابتة، بعض الشباب قد يتحرج من هذه الأعمال ويرون أنها لا تتناسب مع واقعهم الاجتماعي، وهذا مما يحتاج إلى توعية بأن العمل ضرورة والعملية تتطلب ألا ينظر لبعض المهن على أساس كونها دونية، بل عليهم النظر لها كقيمة اجتماعية ووسيلة لما يحتاج إليه الإنسان، وبعض الأسر قد ترفض أن يعمل ابنها في هذه المجالات والمهن، وهذا من الأخطاء الاجتماعية التي ينبغي علاجها. وأضاف الشهراني أن بعض الشباب قد يطلب من والديه المال دون تحرج ولكنه يتحرج عندما يتعلق الموضوع بعمل شريف يدر دخلًا مناسبًا، وعلى هؤلاء أن يعلموا قبل كل شيء أن هذه الأعمال ليست محتكرة لفئة معينة وليس من يعملها ناقصًا عن زميله بشيء، إنما من يتحرج منها هو الناقص. يستحقون الإشادة وبدوره بين المستشار النفسي الأستاذ خالد العلي أن هناك عدة أمور يستطيع الشاب عملها في هذا الزمن إن لم يستطع الحصول على وظيفة، حيث قال: الأعمال الحرة بجميع أنواعها من الأعمال الشريفة التي ليس بها أي عيب، كما أنها تدر على من يعمل بها دخلًا عاليًا يجنبه شر سؤال الناس، فالميكانيكا وكهرباء السيارات من الأعمال التي نريد لشبابنا أن يعملوا بها دون تحرج، والشباب الذين سلكوا هذا الجانب هم من الذين يحافظون على أنفسهم، فهناك من يرضى لنفسه أن يكون من العاطلين، وبالمقابل هناك من يعملون بأيديهم ولا يرضى لأنفسهم إلا بالرزق الحلال وهذه الصفة نتمنى أن تنتشر في المجتمع بشكل كبير. وطالب العلي جميع الشباب بالعمل في أي عمل شريف دون تحرج منه، مبينًا أن معظم الشباب يفضلون العمل المكتبي ويبقون في أمكانهم دون أن يستفيدوا شيئًا أو يتقدموا، ولكن الشباب الذين نجدهم قاموا بافتتاح محلات سيارات لتصليحها وتعديلها وفي محلات البيع يستحقون التقدير والإشادة. وأضاف العلي أنه قبل كل هذا على الشباب الاهتمام بدراستهم جيدًا، كي يستطيعوا العثور على وظائف بالمستقبل، فعليهم عدم الاقتصار على وظائف عادية، بل عليهم مواصلة دراساتهم الأكاديمية وذلك بدخول الجامعات والاهتمام بدارستهم بالمقام الأول.