على علبَة « مالبورو « واحدة اجتمع العوطليّان : راضي و مرضي ، بعد أن ناقشا كافة القضايا المطروحة عالميّاً بدءاً من الملفّ الإيراني وانتهاءً باللاعب الذي ركل طائر البوم! بعد جلسة صمت لمدّة نصف ساعة تنهّض « مرضي « وبدون أيّ مقدّمات قائلاً : مارأيك يا راضي أن نرسُم لوحة ؟! ، بدون تفكير وتحت تأثير الفراغ أجاب راضي .. « هيّا نبدأ « ثُمّ استدرك ، ولكننا لا نملك لوحاً لنرسم عليه ولا ألواناً نلوّن بها ! أجاب مرضي سنرسم على الجِدَار و نلوّن بالفحم المتوفّر ب( الملحَق ) ! ، هَزّ راضي رأسهُ معلناً الموافقة ، وبدآ تنفيذ هذه الفكرة المجنونة .. أحضرا كميّةً من الفحم وأغلقا باب الغرفة ، وبينما أدار راضي « المسجلة الصغيرة « ذات الباب المكسور على الشريط المتوفّر لِتَصدح رجاء بلمليح ب « يا أمل عطشان في وادي الظما « .. رَسَمَ مرضي إطاراً مربّعاً يميل إلى أن يكون مستطيلاً ، وبدأ برسم ملامح لبيتٍ قديم يسكنهُ عاطل وأمّهُ و سبع بنات ، بينما رَسَمَ راضي بيتاً ( كشخة ) في جواره .. يسكنهُ رجلٌ واحد وزوجته ويملك صاحبهُ ثلاث وظائف « مدرّس وموظّف في الجمعيّة الخيريّة وإمام مسجد « ، في البعيد من الصورة رسما معاً « شجرةً ظَلِيلَةً « ذات أغصانٍ كثيرة .. لكنها بدون أوراق . وفي شارعٍ يَمُرّ أمام المنزلين السابقين كانت أم تدفع ابنها دفعاً إلى المدرسة وهو يبكي راضي رسمَ دموعاً على وجنتيه ، ومرضي تكفّل برسم شحوب وجه الأُمّ الذي لَمْ يَستَطِع غطاء وجهها الرّقِيق إخْفَاءه .. لا يقطع بكاء ذلك الطفل إلا سيّارة البلديّة التي تتجاوز حاوية نفايات البيت الأول وتتوقّف طويلاً عند الثّاني ! في الخلفية من اللوحة رسما تصريحاً لمهندسٍ « أدّ « الدنيا يقول _ عبر إذاعة الرّياض _ : لماذا لا يشتغل السعوديون في غسيل السيّارات ؟! كانت اللوحة مليئة بالسَّوَاد .. لا أبيض بها إلا الفراغ !! لذلك رسما معاً بدون سَابِق اتّفاق وكأنهما على اتّفَاق ( شَمْساً مشرقةً ) كَتَبَا في داخل قُرصها : ( وِحْدَة وَطَن ) ،، ، انْتَهَت اللَّوْحَة .. راضي : خلصنا شفت أننا رسامين ؟! مرضي _ بكلّ شُرُود _ : مين ؟! [email protected]