ظلت الدائرة الخليجية تحتل المرتبة الأولى في دوائر اهتمامات السياسة الخارجية السعودية وهو ما انعكس على متانة وتطور العلاقات السعودية البينية مع شقيقاتها دول الخليج الخمس تعاونًا وتكاملاً وتنسيقًا انطلاقًا من حقيقة أن الأمن والاستقرار في دول المجلس ركيزة أساسية للأمن والاستقرار ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط، وإنما أيضًا في العالم كله، لما تشكله دول المجلس من قوة اقتصادية بارزة على مستوى العالم للثروات الطبيعية والإمكانات المتميزة التي تتمتع بها مختلف دول المنطقة، وخاصة في قطاع إنتاج النفط حيث تنتج دول المجلس قرابة ربع الإنتاج العالمي، بما يزيد من أهميتها ومكانتها على الخريطة الاقتصادية العالمية، وهو ما أسهم في دعم مسيرة المجلس في اتجاه وضع الآليات التي تضمن استقرار دوله وسلامة أراضيها ووحدة شعوبها في مواجهة كافة المخاطر والتحديات التي واجهها المجلس منذ إنشائه قبل نحو ثلاثة عقود، سواءً على صعيد الحروب التي اندلعت على أرضه أو بالقرب منها، أو على صعيد المحاولات الإرهابية التي حاولت العبث بأمنه وزعزعة استقراره ، أو على صعيد الفتن والدعاوى الطائفية التي تحاول الآن استهداف بعض دوله من خلال أصابع تحركها قوى خارجية حاقدة. المملكة من موقعها كشقيقة كبرى لدول المجلس ظلت ترفع دائمًا شعار أمن الخليج لا يتجزأ ، باعتباره مسؤولية دوله، لذا فقد كان من الطبيعي أن ينعقد اجتماع وزراء خارجية دول المجلس في الرياض عقب اجتماعهم في أبو ظبي بهدف الخروج بموقف جماعي لمنظومة دول التعاون وضرورة توحيد الموقف إزاء ما تشهده بعض الدول الخليجية خصوصا مملكة البحرين وسلطنة عمان، وهو ما تمخض عن تعهد دول المجلس بالتعامل «بحزم» مع أي تهديد لأمن أي منها، بالإضافة إلى إنشاء صندوق للتنمية بقيمة عشرين مليار دولار لمساعدة البحرين وسلطنة عمان، ودعم جهودهما لوأد الفتنة، والحفاظ على الأمن والاستقرار في هذين البلدين الخليجيين الشقيقين والحفاظ على ترابهما الوطني ووحدتهما وأرواح المواطنين وممتلكاتهم تأكيدًا لحقيقة المنظومة الأمنية الموحدة لدول المجلس وتماشيًا مع استراتجيته الأمنية والدفاعية.