لقد تم إنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار في عام 2003م، وشارك فيه 35 شخصية معظمهم من رجال الدين والأكاديميين، يمثلون ولأول مرة مختلف الاتجاهات المذهبية في السعودية، ونرى أن البدايات القديمة لهذه الفكرة العملاقة تمت في عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله، ثم كانت الفكرة الرائدة في نفس أكثر أبنائه، فأنتجت لنا أعظم وحدة في التاريخ الحديث، بقوة الإرادة، وتوافق مصالح الحوار لوطن قادر على إعطاء أبنائه كل محفزات التقدم، بعيدًا عن الوقوع في مهاوي الغلو والتطرف والتعصب. وجاء دوركم يا خادم الحرمين وكانت عيناك مفتوحتين، فجعلت -حفظك الله- قضايا الحوار ضرورة من ضرورات المرحلة، التي أسست لثقافة المصارحة والمكاشفة وتبادل الرأي والنقاش والجدال بالتي هي أحسن، بمشاركة كل فئات المجتمع، وكان مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني على مستوى المسؤولية والتحدي، فقد جسد بحمد الله ثم بما توافر له من رعاية سامية ومباركة من لدنك طموحات المجتمع السعودي من خلال آلاف الحوار بالرأي والرأي الآخر، وقد حظي المركز باهتمام الوفود العالمية التي حرصت على التواصل معه وزيارته، حيث استقبل كثيرًا من البعثات الدبلوماسية والإعلامية الأجنبية، وكذا عددًا من البرلمانيين والأكاديميين من مختلف دول العالم. هذه مقدمة أحببت أن أوردها تعليقًا على ملتقى القضاء والإعلام الذي تنظمه وزارة العدل.. حيث إننا نعيش اليوم في عالم الإعلام الصغير أو كما يحلو للبعض أن يطلق عليه الصندوق الصغير في ظل ثورة الإعلام والاتصال والشبكة العنكبوتية حتى جاء هذا الملتقى الذي كنا بحاجة لمحاوره وعطاءاته التي تجاوزت الحدود بل إنها لا تعرف الالتفات إلى الوراء.. وقد انطلق في اعتقادي هذا الملتقى نحو الآفاق واستشراف المستقبل، وكان لبنة كبيرة تقف شامخة على درجات العمل القضائي في وطن الحوار.. والأروع أن هذا الملتقى أكد أننا عندما نمتنع عن المكاشفة والوضوح والصراحة وعندما نصاب بداء عدم الاهتمام وإقصاء الآخر تكون الكارثة. فما أروعك يا وزير العدل يا دكتور محمد العيسى وما أصفى كلماتك التي خرجت وفيها غاية في الانتماء، جاءت كلمات وزير العدل في هذا الملتقى القضائي وتأكيداته على أن جلسات المحاكم ستكون «علانية» عدا القضايا المتعلقة بالأسرة لما فيها من خصوصيات. وقال أيضًا إنه سيتم السماح للإعلاميين بحضور جلسات محاكمات المتهمين في قضايا الإرهاب وأمن الدولة، وأكد في كلماته الصادقة أن القضاء السعودي مستقل ومتين ولا يوجد ما يتم إخفائه أو حجبه، ثم نفى وجود أي حساسية بين رجال القضاة والإعلاميين ووصف العلاقة بين الجانبين بأنها وثيقة ومتينة وتحت مظلة الدولة والنظام.. نعم كنت صريحًا شفافًا يا معالي وزير العدل لأنك من النماذج الوطنية المضيئة في هذا الوطن، وقد تحققت الرؤية الوطنية والمنهجية لهذا الملتقى الذي حصد حب الجميع وتقديرهم. أخيرًا لن أجاملك يا دكتور محمد العيسى فقد كنت محورًا صادقًا أضاء بوعي وقد شدتني صراحتك عندما طالبت بتدريب وتأهيل الإعلاميين المتخصصين في تغطية القطاع القضائي.. وقلت إن إعلامنا يتميز بالمصداقية وإيصال الحقيقة. تحية تقدير لصراحتك وشفافيتك وتقديرك للجميع. [email protected]