في خبر نشرته جريدة (المدينة) يوم السبت الماضي أن سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، المفتي العام، رئيس هيئة كبار العلماء، رئيس اللجنة الدائمة للإفتاء والإرشاد، خصص خطبة الجمعة الماضية، التي ألقاها في الجامع الكبير بمنطقة قصر الحكم بالرياض، للحديث عن الغش وأنواعه والآثار التي تترتب عليه.. وهاجم طائفة كبيرة من الغشاشين شملت أولئك الذين يغشون في تنفيذ المشروعات الخدمية التي تعهد لهم، والذين يغشون في العقود التي يبرمونها لجني الأموال من ورائها بدون وجه حق، وكذلك الغش في الأنظمة من قبل أولئك الذين يضعون أنظمة فاسدة وقوانين لا تراعي مصالح الأمة.. وشملت قائمة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ العديد من أشكال الغش بما في ذلك المحققين الذين يغشون في القضايا أثناء التحقيقات والقضاة الذين لا يحكمون بالعدل. ويأتي خطاب المفتي العام في الوقت الذي أعلن خادم الحرمين الشريفين، رجل الإصلاح في البلاد، عن سلسلة واسعة من الإجراءات والميزانيات الضخمة لصالح رفاهية المواطن.. ولذا فإن الخطاب يحمل تحذيرًا واضحًا لمن قد يسعى لارتكاب المحرمات بالغش في إيصال ما أمر به العاهل السعودي إلى المواطن، وأن يدخل على الأنظمة ما يعيق وصولها.. إذ أننا لا نزال نعاني من إدارة بيروقراطية متحكمة مقابل رقابة تكاد أن لا تشعر بها هذه البيروقراطية، مما يؤدي بها إلى المماطلة والتكاسل عن تنفيذ ما تطلبه الدولة منها.. وحكاية جدة وأمطارها وسيولها ومشاريع تصريف المياه فيها والمجاري المفقودة، كلها شواهد على مدى جرأة البيروقراطية على التعطيل والمماطلة، مما يؤدي إلى فساد وإفساد. لذا فإن هناك حاجة إلى تفعيل دور رقابي فعال لازال مغيبًا يمكن أن تقوم به هيئات موجودة مثل مجلس الشورى والمجالس البلدية ومجالس المناطق والمحافظات فهذه المجالس لازال دورها استشاري، من السهل تجاهله، ولا تشعر البيروقراطية المتكاسلة أي ضرورة لأخذ أي من هذه المجالس في الحسبان.. وإذا ما أتيحت الفرصة لهذه المجالس من أن تتولى دورًا فعالًا في التشريع ومراقبة تنفيذ الأنظمة والقوانين ومتابعة أداء الأجهزة البيروقراطية المختلفة فإنه يمكن حينها أن نأمل في تحسن أداء هذه الأجهزة للمسؤوليات التي أوكلتها إليها الدولة.. أما إذا أتيح اختيار كل أو جزء من أعضاء هذه المجالس عبر الانتخاب فإنه يمكن أن تصبح لقاءاتها واجتماعاتها أكثر حيوية وديناميكية.. ولا أعتقد أن تعيين المزيد من المراقبين ضمن الهيكلية البيروقراطية يمكن له أن يؤدي نفس الدور الفعال الذي يمكن أن تؤديه المجالس المذكورة وما شابهها. ومن الأمثلة على عدم فعالية المجالس بصلاحياتها الحالية القرارات التي تصدر عن المجالس البلدية أو غيرها أو حتى مجلس الشورى ولا يكون لها سوى تأثير محدود في صياغة القرار النهائي الذي يتولاه الجهاز البيروقراطي حسب مفهومه للإصلاح المطلوب.. ولفت نظري ما نشر مؤخرًا من نقد أعضاء في مجلس الشورى لأداء صندوق تنمية الموارد البشرية تجاه مشكلة العاطلين خلال مناقشتهم لتقرير الصندوق عن عام 1429ه (نحن الآن في عام 1432ه) حيث أنفق الصندوق حوالي ربع دخله فقط، البالغ أكثر من ألفي مليون ريال، على معالجة مشكلة البطالة.. وكتب الدكتور عبدالله دحلان، وهو عضو في مجلس الشورى، بعموده الأسبوعي بجريدة (الوطن) يوم الاثنين الماضي يقول إن الصندوق الذي أنشئ بهدف دعم وتأهيل وتدريب الشباب السعودي للعمل في القطاع الخاص «لم يستطع أن يخصص أكثر من سبعة بالمائة من أرصدته في نشاطه السنوي عام 2010م». وفوجئت خلال الأيام الماضية بأن أمانة مدينة جدة نشطت في تكسير الشريط الإسمنتي الواقع على جانبي الجزيرة وسط شارع الأندلس أمام قصر الحمراء، بينما لا يوجد عيب في هذا الشريط الإسمنتي، وواصلت تجاهل حفر تؤثر على حركة السيارات التي تسعى للانتقال من (الضفة الجنوبية) إلى (الضفة الشمالية) لمجرى السيل على ردمية مؤقتة شوهتها الأمطار على امتداد شارع حائل.. وتساءلت عن الدور الذي يمارسه المجلس البلدي في مثل هذه الأحوال.. وكذلك الأمر ونحن نستغرب لماذا الإصرار على حفر أنفاق لسير السيارات بجدة حيث يمكن لمياه السيول والأمطار التجمع فيها، وعدم السعي إلى رفع الشوارع إلى أعلى وبناء جسور عوضًا عن ذلك؟.. ولماذا تردم مياه بحار جدة لبناء مساكن ومشاريع بينما يمكن الاستفادة من رقعة الأراضي الواسعة المحيطة بجدة وتوفير وسائل مواصلات حديثة.. وأتساءل: هل يمكن لمجلس بلدي فعال البحث عن حلول لكل هذه التساؤلات؟! اتساع رقعة المدن والمناطق وتزايد عدد السكان يجعل البحث عن حلول جديدة ضرورة لا بد منها.. ولا بد من أن تتولى جهات غير بيروقراطية متابعة ما يقوم به البيروقراطيون في ظل نظام أكثر مرونة وأقل مركزية. ص.ب 2048 جدة 21451 [email protected]