لا أزال أذكر الحوار الذي دار بين السيد أحمد عبدالجواد.. وجليلة في فيلم «بين القصرين»، المأخوذ من ثلاثية نجيب محفوظ الرائعة (بين القصرين، وقصر الشوق، والسكرية) الذي تحولت إلى أفلام ومسلسلات ناجحة. دخلت جليلة -سلطانة السهرات الماجنة التي كان يرتادها السيد ورفاقه- دكان السيد أحمد عبدالجواد الذي رحب بقدومها أفضل ترحيب. شربت «الحاجة الساقعة»، بينما أمر السيد صبيّه بتحضير كل طلباتها. وتفرّغ هو لتبادل أطراف الحديث معها. فلمّا قدم صبيّه بالبضاعة ناولها الكيس، ورفض أن يتقاضى منها مليمًا واحدًا. خرجت جليلة وهي في غاية السعادة من حُسن استقبال وأريحية «سي السيد». فلمّا ذهبت سأله صبيّه: كيف يقيد قيمة البضاعة؟! أجابه السيد أحمد عبدالجواد: اكتب عندك يا سيدي: بضاعة.. أتلفها الهوى!! شاهدتُ هذا المشهد مرات عديدة.. لكنني لا أدري لماذا وجدتني هذه المرة أربط بين هذا المشهد، وبين ما يحدث في عالمنا العربي من أحداث، لا تخرج عن ما حدث بين سي السيد وجليلة؟! فقد تصوّرتُ نفس هذا الحوار يدور بين مَن تسبّبوا في كوارثنا العربية.. وأزلامهم.. فبدا لي هؤلاء في هيئة السيد أحمد عبدالجواد، الذي بعد أن يشاهد ما خلفته كوارثنا العربية يلتفت إلى صبيّه الذي يسأله: كيف نكتب هذه الكارثة..؟! فيرد السيد أحمد عبدالجواد: أكتب عندك يا سيدي: دول.. أتلفها الفساد!! وتنتهي الحكاية ويُسدل الستار. [email protected]