قال الضَمِير المُتَكَلّم : ظُهْرَ الأربعاء قبل الماضي استمعت صُدفة لأحد البرامج الإذاعية الحوارية ، فرحت بتلك الصدفة متوقعاً أن أجد نقاشا ساخناً يلامس حاجيات الوطن والمواطن ، ولا سيما أن المقَدّم إعلامي كبير ، والضيوف والضيفات أسماء لامعة في مجالها ! بدأت الحلقة وكان المقدم وضيوفه بحسب زعمهم يتحدثون عن أزمة كبيرة وخانقة تعيش فيها المرأة السعودية ، ربما تطلبت تدخل لجان حقوق الإنسان العالمية لحمايتها من هذا الظلم الذي يُمَارس عليها من مجتمعها الذكوري صباح مساء ! لا تذهبوا بعيداً فلم يكن الحديث عن ( العنوسة ) التي تقاسيها شريحة كبيرة من بناتنا ! ولا تعتقدوا بأن الكلام عن ( العَضل ) الذي تعيش في ظلمته بعض الفتيات من آباء همّهم تحقيق مصالحهم الشخصية حتى لو كانت بناتهم الضحية ! ولا تظنوا أن الحوار حول بطالة كبيرة تسكن داخل أسوارها الكثير من الخِريجات ، وفيها تتحطم أحلامهنّ ! ولم يكن سِجَال المتحاورين في ذلك البرنامج حول معاناة الطالبات من مدارس مستأجرة ، يتكدسْن في فصولها الضيقة التي تحبس الأنفاس ! ولم تتطرق تلك الحلقة لقضية طالبات لم يجدن مقاعد في الجامعة ، ولا لضعف مكافأة الطالبات مع الغلاء وكثرة طلبات المحاضرات ! ولم يفتح البرنامج صفحات النقاش حول مأساة المعلمات اللاتي يعملن في مدارس نائية ، وفي الطريق قد يكنّ ضحايا للحوادث المرورية ! نعم انتهت كل فصول ومشاهد قضايا المرأة في بلادنا ؛ فلم يبق إلا التّرف والكماليات ، فقد كانت تلك الحلقة مجرد ( سوَالِف نِسْوان على فِصْفِص في جلسة ضُحَى ) ترددّ كلاماً مكروراً ومملّاً وحجج واهية حول المطالبة بالرياضة النسائية في المدارس والأندية الرياضية ! صدقوني لست مع أو ضد الرياضة النسائية ، فهي عندي أقل من أن تُنْطَقُ فيها بعض الحروف والكلمات ؛ لأن في مجتمعنا قضايا مفصلية ، منها ما هو خاص بالمرأة ، أو ما هو أعمّ ، وتلك القضايا أولى بأن نُفْرِدَها بحلقات وكتب وصفحات ، ويكفي أن الرياضة في مدارس الذكور وأنديتهم غير ناجحة أو فعّالة ، وكذلك لم تمنحهم الرشاقة ؟! فمتى نَهْتَم ؟! هَمْسَة : إليكِ أيتها الأستاذة ، إليكِ أيتها القدوة والمَثَل في صدقها وجرأتها ووطنيتها ، أتمنى عليك ألا تنساقي وراء تلك القضايا الهامشية ، فمقامك أكبر ، ورأيك بالأهم غيرها أجدر ، ولك تحياتي !! ألقاكم بخير والضمائر متكلمة . فاكس : 048427595 [email protected]