صديقي يدير واحدة من كبريات الشركات الوطنية، وفضلاً عن كفاءته الشخصية العلمية والعملية فهو من خريجي هارفارد، الجامعة التي لا ينتمي اليها الا النخب المتميزة فكرياً، وفضلاً عن كونه سليل أسرة ضاربة الجذور في المجد، فإنه يتمتع بشخصية مثيرة للاحترام بما يتحلى به من دماثة الأخلاق والذكاء الحاد والتواضع المبني على الثقة بالنفس.. هذا الصديق سأل زملاءه من قيادات الشركة التي يديرها سؤالاً مثيراً شائقاً، حيث طلب من كل منهم أن يحدد أهم ثلاث خصال توجب الاحترام لمن يتحلى بها. تعددت الردود وتفاوتت الاختيارات ولكن خمساً من الخصال تسيدت القائمة وتكررت بكثرة في اجابات هؤلاء المسئولين، وهم جميعاً من أصحاب الكفاءات المتميزة والانجازات المرموقة.. أولى تلك الخصال كانت اظهار الاحترام للآخرين، مما يعني أن أهم شرط للحصول على الاحترام هو احترام الآخرين وعدم تسفيه آرائهم أو احتقارهم بسبب مكانتهم الاجتماعية أو المادية أو ضعف حظوتهم من التعليم أو الثقافة أو الذكاء . الخصلة الثانية التي وردت في الاجابات كانت تتمثل في النزاهة، حيث أجمع كثير من المشاركين على أن التزام المرء بمستوى رفيع من الاخلاقيات والأمانة والانصاف هو من أكثر ما يستوجب الاحترام، ولا غرابة فالمال والجاه والعز والمناصب الكبرى ومظاهر الأبهة، كل ذلك لا يعني شيئاً ما لم يكن مقترناً بكرامة شخصية عمادها النزاهة والأمانة. ثالث الخصال المثيرة للاحترام هي الموثوقية وهي تعني الثبات على الموقف وعدم التلون بألوان الطيف كلما كان ذلك مناسباً لواقع الحال،... واكثر ما تختبر هذه الخصلة في وقت الشدائد فتتضح عندها معادن الرجال فمنهم من يثبت على العهد ولا يتورع عن التصدي للصعاب ويحترم التزاماته وتعهداته معنوية كانت أم قانونية، أما الآخرون فهم كما يسميهم الأمريكان أصدقاء الجو الصحو الذين لا يتورعون عن ترك رفاقهم في العراء عند هبوب العاصفة. رابع الخصال هو العلم والمعرفة وسجل الانجازات وما يرتبط بها من ثقة في النفس، كثيرون هم الذين يظنون أن لهم من النسب والحسب والمكانة ما يستدعي الاحترام ولكن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم حذر آل بيته من أن يأتي الناس مفاخرين بأعمالهم ويأتون هم مفاخرين بقرابتهم للمصطفى عليه السلام. الخصلة الخامسة وهي في نظري من أهمها وأقلها وضوحاً هي القدرة على التواصل، بدءاً من حسن الاصغاء ثم حسن التخاطب والمهارة في ايصال الأفكار، كثير من الناس يتمتعون بكل الخصال المثيرة للاحترام ولكنهم يفتقدون القدرة على الإصغاء فإذا تحدثوا جاء حديثهم بعيداً عن محاور الحوار ومجانباً لاهتمامات السامعين فإذا بهم في واد والناس في واد آخر. مروا بأذهانكم على من تحترمون من الناس وتحققوا من توافر هذه الخصال فيهم، ثم راجعوا أنفسكم ووطنوها على احترام الآخرين والتحلي بالنزاهة والثبات على الموقف واكتسبوا من العلم والمعرفة ما تستطيعون ثم احرصوا على الحوار الفعال بشقيه، الإصغاء وحسن التعبير، انكم ان فعلتم تصبحوا جديرين باحترام الناس لكم وباحترامكم لأنفسكم. [email protected] فاكس: 6901502/02