تكاد الصحف المحليّة لا تخلو يوماً من إشارة إلى الأخطاء الطبية التي يقترفها بعض الأطباء في المستشفيات الحكومية والخاصة على حدٍّ سواء، وبات الأمر وكأنه شيء مألوف لكثرة هذه الأخطاء والتجاوزات، رغم أنها تنتهي في الأغلب بنتائج ربّما تودي بحياة المرضى، أو إصابتهم بإعاقات دائمة وحسب التقديرات الرسمية هناك 2500 شخص يلقون حتفهم سنوياً بالمملكة نتيجة الأخطاء الطبية. الأيام الماضية تحدّثت الصحف عن واقعة صارخة تكشف بوضوح عن هذه الظاهرة الخطيرة، وتتعلق بخطأ طبيّ أودى بحياة الطفل عبد الرحمن بندر اللهيبي الذي لم يتجاوز السنة والثلاثة شهور من عمره حيث توفي دماغياً بسبب خطأ طبي بعد إعطائه محلولاً طبياً في مستشفى الولادة والأطفال بمكة المكرمة، خبر تناولته الصحف المحلية يجب أن لا يمر مرور الكرام وأن يحاسب كل من تسبب في تلك الفاجعة التي سلبت الفرحة وأدمت قلوب أهله وذويه لما ألمَّ بطفلهم. خبر آخر يُنشر على لسان المشرف العام على هيئة الطب الشرعي بالمدينةالمنورة يشير إلى أن عدد الدعاوى القضائية المقدمة بسبب الأخطاء الطبية داخل مستشفيات المدينةالمنورة فقط خلال السنوات الخمس الماضية بلغ (2569) حالة توفي على آثارها ما نسبته (41 %) منهم خلفتها الأخطاء الطبية.. أرقام مخيفة ترمقها العين وتزرع الخوف في أفئدة الصغار والكبار. الأخطاء الطبيّة قد تكون واردة إذا أخذنا في الاعتبار أن الأطباء أصحاب الرسالة بشر ومعرّضون للخطأ، لكن إذا تزايدت هذه الأخطاء بشكل لافت للنظر وتحولت إلى ظاهرة، تكمن أسبابها الرئيسية في نقص الخبرة لدى بعض الأطباء، أو إهمالهم، فهنا يصبح للمشكلة بعد آخر يجب معالجته، وهو يتعلّق بمعايير استقدام الكوادر الطبية من أطباء وممرضين لممارسة مهنة الطب بالقطاع الصحي، إذ إن تكرار الأخطاء الطبيّة يشير إلى غياب توافر الشروط المهنيّة في معايير استقدامهم. إن مشكلة ملاحقة الأطباء قضائياً على أخطائهم المهنية تكمن في إثبات الإهمال وعزوف معظم المتضررين أو ذويهم عن رفع دعاوى قضائية نتيجة ارتفاع تكاليف الخدمة القانونية، والتكهن الخاطئ المسبق الراسخ في نفوسهم بأن القضية خاسرة لاستحالة إثبات الخطأ الطبي ومن يقف وراءه. همسة : نحن بحاجة إلى رصد علمي للأخطاء الطبية من حيث أسبابها وأنواعها ووضع الآليات اللازمة لمعالجتها سواء من واقع الخطأ (الطبيب أو الممرض أو المستشفى) وكيفية تصحيح تلك الأخطاء بحيث لا يسمح بتكرارها مع مريض آخر ووضع الجزاءات العقابية الرادعة ضد المستشفيات ومن ناحية أخرى كيفية التعامل مع المتضررين سواء المرضى أو أسرهم وضرورة منحهم تعويضات مالية مجزية.