أوضح الدكتور محمد النعيمي أن تأثير كتاب (الاستشراق) للناقد الأكاديمي الفلسطيني إدوارد سعيد كان عميقًا في مجال الدراسات ما بعد الكولونيالية، مشيرًا إلى أن محاولات إدوارد في هدم الافتراضات الطبيعية عن اللغة والنصية واهتمامه بأهمية البنى الأيديولوجية في العلاقات النصية الاجتماعية تضعه في مصاف ما بعد البنيوية، كما أن يسر قراءة أعماله جعلت منه مفكرًا مؤثرًا في مجال النظرية الثقافية والأدبية. كما أنه يعد واحدًا من أبرز المعلقين الثقافيين عن القضية الفلسطينية، وأن العلامة المميزة لأسلوبه هي (عبور الثقافات)؛ لأن حياته كانت عبورًا للثقافات بحد ذاتها، جاء ذلك في ثنايا المحاضرة التي قدمها النعيمي عن «الاستشراق» في نادي الأحساء الأدبي يوم أمس الأول، أوضح من خلالها أن إدوارد سعيد يأخذ على النظرية الغربية اهتمامها بوظيفة النص وعمله الشكلي وإهمالها لقراءة النص الدقيق وتشكله في سياقه الاجتماعي والسياسي، أي النظر إليه ك “مبنى ضخم” أو موضوع ثقافي يختلف عنه ويرفض أو يقبل أو يمتلك وينجز ضمن الزمن ويحتوي على سلطة أو مرجعية، مضيفًا بقوله: إن إدوار يدرس بكتابه هذا النصوص الأدبية أو غير الأدبية الاستعمارية بوصفها تشكل جسمًا ثابتًا، وتظهر في الوقت ذاته خلافات الرأي وهذا التناقض الواضح يقود إلى ما يسمى بالاستشراق الباطن والظاهر، والاستشراق الباطن عنده هو كتلة اللّاوعي التي تحكم الفكر الذي ينتمي لمجتمع الاستشراق برمته، أما الاستشراق الظاهر فهو الذي يتمثل في الاختلافات والمنظومات أو التعابير الاستشراقية الفردية المشروطة تاريخيًا التي شكلها الاستشراق الباطن، بيد أنها أعطيت شكلاً فرديًا، ويدعو سعيد الاستشراق الظاهر بأنه الآراء المكتوبة أو المعبر عنها حول المجتمع الشرقي واللغات والآداب والتواريخ وعلم المجتمعات الشرقية. واختتم النعيمي محاضرت بإلماحة إلى أن سعيد كان يؤكد على أن الجسم المعرفي الاستشراقي كان مؤثرًا؛ إذ أنتج موضوعات فكرية ومعرفية، وأن واحدة من أبسط الآليات التي أفاد منها الاستشراق هي تراتيبية القيم التي صنعت من خلال سلسلة من التعارضات ذات الطبيعة المزدوجة، فالشرقي أُنتج خطابيًا بوصفه بلا وعي، يشبه الطفل، متخلف، لا يفهم، شرير، بينما الأوروبي على العكس من ذلك تمامًا.