يحتاج الناقد الأدبي في رأيي وخصوصًا إذا كان ممّن يتّصفون بالأكاديمية إلى نوع من الطرح الموثق من مصادره فيما ينقلونه من نصوص يستشهدون بها على نظرية ما، أو إشكال نقدي حتى لا تصبح تلك البحوث مجرد تخمينات وتكهنات. وقبل أيام قرأت دراسة نقدية جادة وتحاول أن تعيد السؤال الإشكالي حول قصيدة النثر في نماذجها العربية الحديثة عبر نوافذ أخرى، وحالة من البحث فيما سمّاه الناقد الدكتور عبدالله الفيفي، أستاذ النقد الحديث في جامعة الملك سعود، مأزق الشعرية، وقد فوجئت أن هناك قصيدة مأخوذة من ديواني الشعري الأول مؤقتًا تحت غيمة (2002 ) وهو نص “هنّ” ولكن النص كان ينقصه بعض العبارات التي لم ينقلها الدكتور الفيفي، والتي بالتالي أكد أنه قرأها مكتملة في مكان آخر، واندهشت حين قرأت وفي إحدى نقاط بحثه عن العفوية واللاقصدية في كتابة النص الشعري بأنه أكد على أن هذا النص كتب بلاوعي، وبدون قصدية في كتابة نص، وأنا هنا لا أدافع عن فكرة ما، أو عن نص ما، ولا حتى عن فكرة القصدية والوعي، لكن كان من الأفضل والأكثر علمية أن نقرأ معًا هذا النص كاملاً، وألا نتركه فقط من أجل تداعي الفكرة مبتورًا، ومحذوفة بعض عباراته حتى يؤيد ما يدور بخلده في لحظة ما ويدعم فكرة القصدية تلك، وتساءلت كيفُ يناقش النص في تراكيبه وفي فلسفته الموسيقية -الايقاعية- وهو غير مكتمل، ومن المعلوم لدى الشاعر الذي يكتب القصيدة العمودية، أو التفعيلة أن وجود أي حركة إعرابية ناقصة أو حرف يخل بالنظام الإيقاعي، بل وحُذف من النص جملة مهمة ممّا استشهد به الناقد! يقول الدكتور الفيفي في بحثه المنشور في جريدة “المدينة - ملحق الأربعاء” أنه وجد النص، وقد أُضيفت له كلمتان!! وقد استوقفتني كلمة: (أُضيفت له كلمتان ) كثيرًا تلك المبنية إلى مجهولها، ويكمل فكرته قائلاً عن هاتين الكلمتين «انكسر بهما الإيقاع السابق، الذي استقرأناه حين القيام بهذه الدراسة قبل سنوات: «قد تمرّ بك امرأة [لا تقطفها]». ما يؤكّد أن الإيقاع يأتي لدى الكاتب هكذا عفو الخاطر، وقد يعنّ له إقحام كلمات على النصّ تفسد موسيقاه «فالدكتور هنا يؤكد ويقرر ويجزم نيابة عن القصيدة والرؤية النقدية في ذلك المبني للمجهول ويكتب النص في سطوره الأولى ناقصًا.. أتمنى من الدكتور عبدالله الفيفي أن يعود إلى الكتاب -الديوان الشعري مؤقتًا تحت غيمة المطبوع سنة 2002 عن دار أزمنة- عمان ص 50، وإلى قصيدة هن ليقرأ أن هذه الكلمات موجودة فعلاً، وليس كما يخمن ويتوقع في بحث علمي يلوي فيه ذراع النص، ولم يتم إضافتها كي تكسر الوزن أو الإيقاع، وأنه لم يعن لي إقحام عبارات معينة كي تكسر الإيقاع، فما الغرض من كل هذا لأي شاعر أو كاتب؟ فالمجموعة فيها غير هذا النص نصوص من التفعيلة كذلك، ومن التجريب الشعري المفتوح، وكانت المجموعة الشعرية الأولى لي.. هذا ما أردت وما توجب التنويه له في هذه العجالة، وفي بحث أسعدتني قراءته بكل ما فيه من جدل واستئناف للأسئلة حتى لو اختلفت الرؤى.