طُعنت جدة.. حتى أنه لم يعدْ بها موضع طعنة.. حزنها عميق بعمق بحرها. تناثر كل شيء جميل بها واندثر، أشجارها ماتت واقفة، رداؤها مُليء بالحسرة والندم.. أخذ الشعراء والكتّاب برقاب القوافي، فساقوا لنا أبجديات تتوكأ على ديباجة عسجد مليء بسقيا ألم.. حرّروا قيود الحروف من معاقلها ليروا منابع ذكريات، وأحداث جدة القديمة التي كانت تُسمّى «عروس البحر».. بعد أن أصابها الذبول.. لكن رواؤهم كان ينزف ألمًا.. لأن الجرح عميق.. عزفوا نغمة الجراح بحبر امتزج بلوعة الأسى، البعض خرج من قوقعة أحزانه ليشاطر جدة آلامها، منهم الشاعر «حامد الغامدي» الذي أبدع في وصف حال جدة حين قال: (جدة) بكيتُكِ وردةً حمراءَ كيف ذويتِ يا وردة؟ كفكف دموعك وفوقَ رُباكِ تنداحُ الأماني كلّما سَفَرَتْ بكِ الآمالُ ممتدَّة بكيتُكِ يا عروسَ البحرِ حينَ ظهرتِ محتدَّة وحينَ دخلتِ في العِدَّة وحين تدافعتْ فيكِ السُّيولُ ولم تجدْ عُدَّة فَسَالَ الدَّمعُ يا عذراءُ والآلامُ مرتدَّة تحدِّثُ عن مرايا الحزنِ في عامينِ تروي قصةً حُبلى بها الأحداثُ مسودَّة وتُلقي نظرةً من خلفِ سورِ الهمِّ والأحزانِ والشِدَّة تُسائِل كلَّ ثانية: أجدةُ أنتِ؟ وااألماهُ! ليستْ هذهِ جِدَّة!! لم يعدْ بمقدورنا إلاّ طرح سؤال تجلجل بداخلنا.. هل يا ترى تُعاد جدة كما كانت على أقل تقدير؟! إني على ثقة بأنه سيُضرب بيدٍ من حديد على أولئك المخربين؟.. حتى لا نتدثر بدثار اليأس.. وتحيط بنا سماء ملبدة بغيوم الانكسار!! وسامحوووونا.