كشف اللواء محمد بن عبدالله القرني مدير مركز الحالة الطارئة بمحافظة جدة عن تقدم 289 شخصًا ببيانات خاطئة تفيد بأنهم متضررون من سيول جدة للحصول على السكن والإعاشة من قبل الدولة واتضح لاحقًا أن منهم من قدم من خارج جدة أو لا يوجد لديه سكن ملائم، مشيرًا إلى أنه تم الاكتفاء باستبعادهم من قوائم المستفيدين. ورفض بشدة ما ردده البعض بأن الوجبات التي تقدم للمتضررين عبارة عن خبز ناشف وأن الوفيات بالعشرات، مؤكدًا أن هذا غير صحيح، "فالوجبات قدمت من أرقى المطاعم والوفيات أعلنا عنها بشكل واضح وبالأسماء والجنسيات وليس لدينا ما نخفيه". وأكد القرني أن هناك 58 لجنة لحصر الأضرار تعمل بكل طاقتها، فيما بدأت لجان التقدير عملها يوم أمس الاثنين، وطمأن الجميع بأن التعويضات ستكون عادلة وستعطي كل ذي حق حقه حسب توجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو النائب الثاني. وبين أن المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني أعادت تأهيل 335 مركبة بمبالغ تجاوزت 250 ألف ريال. جاء ذلك في حوار أجرته "المدينة" مع اللواء القرني وفتحت من خلاله ملفات ساخنة تناولت محاولات البعض للتحايل على النظام بهدف الحصول على السكن والإعاشة بغير وجه حق، وآلية التعويضات وكيفية عمل لجان الحصر، وبالمقابل جاءت إجاباته واضحة وشفافة، فإلى تفاصيل الحوار: 22 جهة حكومية * كم عدد الجهات المشاركة في احتواء كارثة جدة هذا العام، وما هو دور كل منها؟ ** 22 جهة حكومية شاركت في احتواء كارثة سيول جدة، منها الجهات الأمنية (الدفاع المدني والشرطة والمرور والدوريات والتحقيقات بالأمن العام والحرس الوطني والقوات المسلحة بكل فروعها البحرية والجوية والبرية) بالإضافة إلى التعليم بنين وبنات، الصحة، الأمانة، الهلال الاحمر السعودي، شركة الكهرباء، شركة المياه الوطنية، والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، وعملت جميعها تحت رئاسة صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز محافظ محافظة جدة من خلال اللجنة الفورية، حيث اجتمعت هذه الجهات وحددت أدوارها ومطالبها فكان لها دور مهم وفاعل جدا في هذه الأزمة، كما كانت هناك مشاركة فاعلة من إخواننا بحرس الحدود في عمليات الإنقاذ في الساعات الأولى من خلال القوارب والقوات البحرية حيث شاركوا بشكل كبير وكذلك طيران القوات المسلحة، فلهم جميعا الشكر على ما قدموه. متطوعو "التدريب التقني" * المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني شاركت في أعمال إعادة تأهيل المنازل وإصلاح المركبات بسواعد سعودية شابة متطوعة، فاين دور الجهات التعليمية الأخرى؟ ** أتقدم بالشكر أولا لوزير العمل ومحافظ المؤسسة على هذا الجهد التنظيمي من خلال تأهيل شباب يؤدون مهنا مهمة ساعدت في تأهيل المنازل المتضررة حيث تم إعادة تأهيل 335 مركبة متضررة من الأمطار بمبالغ مالية تجاوزت 250 ألف ريال قامت المؤسسة بدفعها وتأمينها. آلية لتأهيل الأحياء المتضررة، وزاد: سيعقد اجتماع لعدة جهات لوضع آلية تأهيل الأحياء المتضررة، ويتم ذلك من خلال بيانات بالمنازل المتضررة تؤخذ من لجان الحصر بالدفاع المدني ومن ثم تقديمها للغرفة التجارية لتقوم من خلال عمالة موجودة لديها بإعادة تنظيف المنازل من الطين والاتربة ومن ثم تسلم هذه المنازل بقوائم للمؤسسة لإعادة تأهيلها من حيث السباكة والنجارة والكهرباء والحدادة وذلك بكوادر سعودية، بعدها يتم إعادة هذه القوائم إلى الغرفة التجارية والتي ستقوم بتأهيل المبنى من الأثاث والاحتياجات الاخرى، ومن ثم تقدم القوائم للدفاع المدني وإبلاغه بانتهاء تأهيل المنازل، ليعمل على إعادة سكانها للسكن فيها، ولا ننسى الدور الهام للعمل التطوعي، فمنظومة الدفاع المدني تقوم على ثلاثة محاور رئيسة أولها المؤسسات والإدارات الحكومية من وزارات ومؤسسات خاصة وعامة وأيضًا مالك المركبات والآليات، والثاني القطاعات العسكرية من قوات مسحلة ووزارة داخلية والحرس الوطني والاستخبارات العامة المحور، والثالث يشمل المتطوعين من مواطنين ومقيمين. ليس لدينا ما نخفيه * هناك ضبابية في عمليات توزيع المعونات التي تصل للمتطوعين من قبل مواطنين وتجار لمساعدة متضرري السيول، كيف تتم عملية التوزيع؟ ** هناك نقطة مهمة، وهي أن المتضرر قامت الدولة بإسكانه وتقديم الاعاشة له، فكل متضرر سمحت الدولة بتوفير السكن وتقديم الاعاشة النقدية له سواء كان مواطنا أو مقيما، أما التبرعات التي يقدمها المواطن والتاجر والشركات فتذهب إلى مستحقيها من المتضررين والمحتاجين حتى الجهات التي تقدم هذه التبرعات ليس لديها اثبات على أن المتقدم متضرر من السيول، فهناك أشخاص لم يغادروا منازلهم وهؤلاء تم تقديم الاعاشة العينية لهم من قبل الدفاع المدني والجهات المختصة (وزارة المالية) وقدمت من مطاعم وأماكن راقية، ورغم ذلك هناك من خرج في وسائل الاعلام وتحدث عن أنها أكياس من الخبز الناشف تم رميها للمواطنين وهذا الكلام بعيد عن الصواب، والمؤسف انه صدر من أناس يفترض فيهم توخي المصداقية، وهذا في الحقيقة لا يمت إلى الواقع بصله، وأنا أوجه الدعوة لمن قال بذلك وغيره لمشاهدة الواقع عن قرب، وهناك أيضًا من خرج لوسائل الاعلام وقال: إن الوفيات في حدود النطاق الذي كان موجودا فيه بالعشرات وأن الإصابات بالمئات، فإذا كان ما قاله صحيحا فإن ذلك يعني أن إجمالي الوفيات في مدينة جدة بالمئات وربما بالالاف، وهذا غير صحيح وليس لدينا ما نخفيه، فقد تم الإعلان عن الوفيات بالأسماء وعددها خمسة بسبب الغرق، إضافة إلى خمس وفيات أخرى بفعل الصعق الكهربائي، وآخر إحصائية حتى الآن تشير إلى أن عدد المفقودين ثلاثة فقط بعد العثور على مواطن بلغت والدته بفقدانه يوم الأمطار واتضح لاحقا أنه موقوف لدى شرطة الصفا. ظروف متباينة بين الكارثتين * نفذت الجهات الحكومية والخاصة تجربة فرضية لسيول وأمطار واجهت مدينة جدة قبل اشهر، ونلاحظ هذا العام قبيل الكارثة الثانية كانت هناك استعدادات جيدة من خلال التحذيرات المبكرة، فماذا عملتم من اجل ذلك؟ ** الظروف هذا العام تختلف عن العام قبل الماضي (الثامن من ذي الحجة 1430 ه) والجانب الاهم في هذا الأمر كان هناك نوع من استقبال الرسالة منذ وقت مبكر والدليل أن أبناءنا في المدارس تم اختبارهم وهم ملزمون بالحضور للاختبار في الساعات الأولى وتمت عودتهم إلى منازلهم قبل الساعة التاسعة، مع العلم أن الأمطار الغزيرة هطلت بعد الساعة العاشرة، وهذا دليل على أن هناك وعيا متناميا حيث تم إرسال أكثر من مليوني رسالة sms، كما تم التحذير عن طريق التلفزيون والاذاعة والاتصال المباشر بالجهات الرسمية ونقطة أخرى مهمة تتعلق بالتحذير الذي يصدر من الرئاسة العامة للارصاد وحماية البيئة فهو لا يتجه للدفاع المدني فقط، بل لكافة اجهزة الدولة فلسنا المعنين وحدنا بذلك، والدليل تجاوب المرور وتعامله مع الحدث من خلال اغلاق بعض الطرق وتغيير مساراتها من الساعات الأولى، فالفرق الأرضية للإنقاذ والتدخل كان من الصعوية أن تتحرك لان طريق الحرمين على سبيل المثال كان به 4 الآف مركبة، لذا تم توزيع امكانيات جدة بما يزيد عن 150 وحدة في مواقع معينة كما تم استخدام اليات الدفاع المدني (الوايتات) في عمليات الإنقاذ لانها مرتفعة وتوجد بها سلالم لصعود الشخص على سطح الوايت حتى سيارات الاطفاء شاركت في عمليات الإنقاذ فكل طاقات الدفاع المدني استخدمت في سبيل تحقيق هذا الهدف. الإنقاذ أولى من "الإخلاء الآمن" * صحيح كانت هناك تحذيرات من الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة والدفاع المدني، ولكن بماذا تفسر احتجاز موظفي الدولة في المباني الحكومية والمعلمين والمعلمات في أماكن عملهم وطلاب وطالبات الجامعات وعدم خروجهم إلا في منتصف الليل أو اليوم الثاني؟ ** هذا عدد محدود مقارنة بعدد من استفاد من الرسائل والتحذيرات واستجاب وعاد إلى منزله، وهناك فرق بين الإنقاذ والإخلاء فأنت تطالبني بالإخلاء رغم وجودك في موقع آمن، ولكن اذا طالبتني بالإنقاذ وأنت في موقع خطر فهذا ما نبحث عنه، فاذا كنت في مدرسة وصعدت إلى الدور الثاني واصبحت في موقع أمن وجلست لمدة ثلاث أو خمس ساعات فليس هناك خطورة، وهذا يفرق عن أن يكون هناك شخص على سطح سيارة في موقع جريان سيول أو في موقع خطر، فالتعامل مع الإنقاذ في الساعات الأولى يختلف عن التعامل مع الإخلاء، فقد استمرينا في إخلاء بعض المدارس إلى فجر اليوم التالي ومنها كلية التربية، وكان المدير العام يعمل فيها إلى الساعة الثالثة فجرا، وهناك بعض المواقع اعتذر المحتجزين فيها عن الصعود إلى طائرات الدفاع المدني، وكان لديهم خوف من صعود الطائرة ومثال ذلك ما حدث في دار الحكمة وغيرها من المدارس والكليات، وبذل رجال الدفاع المدني جهدا كبيرا من خلال 18 طائرة عملت 72 ساعة طيران بأطقم متكاملة قامت بنقل المتضررين من المواقع الخطرة وإنزالهم في قاعدة الطيران وتقديم الوجبات لهم ومن ثم نقلهم إلى الأحياء التي يقطنونها أو يرغبون الذهاب اليها، بحيث يتم إنزالهم في نقاط معينة غير خطرة، وكان في استقبالهم أقاربهم. كشفنا 289 متحايلًا * رصد الدفاع المدني والجهات الأمنية اثناء الكارثة الأولى العام قبل الماضي حالات تلاعب واحتيال في بيانات تقدم بها مواطنون للحصول على تعويضات أو سكن، هل تم رصد أي من ذلك خلال الفترة الحالية؟ ** بصراحة لاتخلو أي أزمة من أخطاء وقد تقدم عدد من المواطنين أثناء الكارثة ببيانات خاطئة للحصول على السكن بعد الإعلان عن توفيره للمتضررين من السيول وعندما طلب منهم تقديم تاكيد الموقع للوقوف عليه تراجع البعض واختفى، والبعض الاخر اتضح أنه لا يستحق الحصول على سكن لأنه غير متضرر، وبلغ عدد هؤلاء الأشخاص 289 شخصا تم الاكتفاء باستبعادهم من قائمة إسكان المتضررين المستحقين فعلا، ومن بينهم من جاء من خارج جدة، وآخرون كانوا موجودين بها وقت الكارثة ولكن لا يوجد لديهم سكن. وفرنا السكن ل 27 ألف متضرر * تذمر عدد من المواطنين المتضررين من إجراءات لجان الحصر وطوابير الانتظار الطويلة وقضاء ساعات لانهاء معاملاتهم، لماذا لا يتم زيادة مواقع استقبال المتضررين؟ ** كان العمل على جهتين، فهناك لجان الإسكان وعملت من الساعات الأولى واستقبلت في اليوم الأول 430 عائلة تم إسكانها، وفي اليوم الثاني تم استقبال المتضررين من المحتاجين للسكن، وتم إلى الآن إسكان أكثر من 5600 عائلة يتجاوز عدد أفرادها 27 ألف شخص، وتم التمديد لهم أسبوعا اخر. 58 لجنة لحصر الأضرار أما في ما يتعلق بحصر الأضرار - يقول اللواء القرني: الجميع يريد أن يتم حصر أضراره في الساعات الأولى وهذا فيه صعوبة أمام كل هذا الكم من الأضرار سواء كان سيارات أو عقارات، في ظرف أيام خاصة وأن مساحة الضرر كبيرة، وقد عمل الدفاع المدني على زيادة عدد اللجان من 30 لجنة إلى 58 لجنة تعمل على مدار الساعة لحصر الأضرار وقد تجاوز عدد ما تم حصره أكثر من 9 الاف مابين مركبة وعقار، والعمل ما يزال قائما حيث تم تمديد الحصر عشرة أيام اضافية لاستكمال ما تبقى، كما وجه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة بشمول الحصر للمتضررين من غير السعوديين، فيما بدأت لجان التقدير عملها من يوم امس الاثنين. التعويضات ستكون عادلة * هناك مخاوف من أن تكون التعويضات المقدمة للمتضررين هذا العام اقل مما دفع في الكارثة السابقة، وتكون كمساعدات وليست تعويضات؟ ** لا أتصور أنها ستقل عن ما تم تقديره العام قبل الماضي فتوجيه سمو النائب الثاني وزير الداخلية واضح بالتقييم والتعويض العادل، وهذا جانب مهم جدا ويكفي أنه صدر من ولي الأمر لأن التقييم العادل لهذه الأمور مهم جدا حيث يتم الارتكاز عليه في التعويض، ووزارة الداخلية عضو في اللجنة المعنية بهذا الأمر مع وزارة المالية، وقد وجه خادم الحرمين الشريفين وزير المالية بأن يراعى إعطاء كل ذي حق حقه وأن تقدم كافة الخدمات والدعم والمساعدة لجميع المتضررين على مستوى المحافظة. لا بلاغات وفيات كاذبة * لماذا ارتفع عدد بلاغات المفقودين إلى 8 حالات ثم انخفض إلى ثلاث حالات فقط، هل كانت هناك بلاغات كاذبة للحصول على مبالغ تعويض المتوفين؟ ** من المواقف التي لا بد من ذكرها هنا أن أحد المتقدمين ببلاغ عن فقدان شقيقه اتصل لاحقا وابلغ عن عثورهم عليه، وعندما طُلب منه الحضور اعتذر وقال: إن وقته لا يسمح له بالحضور، وطلب كف البحث عنه، وهذا لا يتم إلا بطرق رسمية، وبحمد الله لم نرصد أي حالات بلاغات كاذبة إلى الان، لاننا نأخذ هذه البلاغات على محمل الجد، أما بالنسبة للبحث عن المفقودين الثلاثة، فهناك امل كبير في العثور عليهم أحياء حيث إنه لا يوجد مايثبت انهم كانوا في مواقع خطرة سواء المرأة أو المواطن المسن والذي يبلغ من العمر 80 سنة أو المقيم الهندي. ولا جثث مجهولة * هل تم العثور على جثث مجهولة؟ * لا لم نعثر على أي جثة مجهولة إلى الآن أو نتبلغ بالعثور على جثة مجهولة سواء من خلال الجهات الأمنية أو المستشفيات، ونتمنى أن لا نرى أي وفيات في الكوارث.