دخل لبنان مرحلة جديدة أمس بعد تصويت غالبية أعضاء مجلس النواب لصالح تسمية نجيب ميقاتي رئيسًا للحكومة اللبنانية في تلك المرحلة الحرجة من تاريخ لبنان والمنطقة، باعتباره مرشحًا توافقيًّا يتطلع اللبنانيون إلى أن يأتي اختياره ملبيًّا لمتطلبات المرحلة الدقيقة التي يواجهها لبنان. الكل يعلم أن الفوز الذي حققه الميقاتي بالأغلبية في الاستشارات النيابية الملزمة، وتكليف الرئيس ميشال سليمان له بتشكيل الحكومة الجديدة قد يشكل البداية لتسكين آلام الأزمة اللبنانية، غير أن ثمة مصاعب وتحديات سوف يتعين على رئيس الحكومة الجديد مواجهتها في المرحلة المقبلة، أكبرها وأعقدها تصرف تلك الحكومة -إذا ما نجح الميقاتي في تشكيلها- حيال ملف المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري وقرارها الظني المتوقع الإعلان عن مضمونه في غضون الأسابيع القليلة المقبلة، كما يفترض وهو لن يستطيع التعاطي الناجع مع هكذا ملف بدون تشكيل وزاري يستطيع وصل ما انقطع، على حد وصف ميقاتي نفسه وتعهده بذلك، فضلاً عن التجاوب مع المرجعيات العربية لتسوية الأزمة بما يضمن له عوامل النجاح في التوصل إلى التوافق الذي يلبي تطلعات الشعب اللبناني، الذي يتطلع إلى لبنان جديد يسمو فوق الخلافات والفتن، ولا يضع أي اعتبار فوق مصلحته وآماله الوطنية التي تعني وحدة لبنان وسيادته واستقراره، وسلمه الأهلي، وهو القاسم المشترك في الكلمات التي أدلى بها كل من الميقاتي والحريري بعد انقشاع الغيوم التي تلبدت في سماء بيروت وطرابلس قبيل وعقب فوز ميقاتي، حيث أجمع الطرفان رفضهما لمظاهر الشغب، والالتزام بالهدوء، والابتعاد عن الإخلال بالأمن واحترام القانون. المؤشر الأول لنجاح كافة الأطراف اللبنانية، حتى في ظل التغيرات في خريطة فريقي الموالاة والمعارضة، هو الالتزام بأن أي قضية خلافية لا ينبغي حلها بغير الحوار، والعمل على تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن، والوضع في الاعتبار أن مقاطعة هذا الطرف أو ذاك للحكومة يخل بمرجعيات الوفاق والتوافق، ويعني العودة بالأزمة إلى مربعها الأول.