نشرت جريدة الاقتصادية بتاريخ 2 صفر 1432ه الموافق 6 يناير 2011م تحقيقاً صحفياً بيّنت فيه أنّ25،900 خطأ طبياً في المملكة خلال 5 أعوام، أي بمعدل 5450 خطأً طبياً في العام الواحد، وفي تحقيق نشرته جريدة عكاظ بتاريخ 15/01/1431 ه - عن الأخطاء الطبية بيّنت فيه أنّ تحقيقات وزارة الصحة كشفت عن وفاة 129 شخصاً نتيجة الأخطاء الطبية خلال عام واحد، كما بلغ عدد القضايا المعروضة على الهيئات الطبية في المملكة 1356 قضية، ، ويأتي في مقدمة الأسباب التي ساعدت على إهمال الأطباء ضعف نظام محاسبتهم على أخطائهم الطبية كما يقول الدكتور الخولي فاللائحة التنفيذية لمزاولة الطب البشري وطب الأسنان، التي يتم التقاضي بموجبها أمام اللجان المعنية ودواوين القضاء، مليئة بالثغرات القانونية التي تسهم في ضياع الحق العام والخاص في كثير من القضايا، كما حدث في القضية التي رفعت ضد مساعدين فنيين، برأهما ديوان المظالم رغم إدانتهما من قبل اللجنة الطبية الشرعية، و ذلك لعدم دقة صياغة اللائحة ، فضعف الصياغة القانونية داخل اللائحة يمكنه من تضييع حقوق كثيرة، وأضيف رفض قضاة اللجان الشرعية الطبية صرف تعويضات مالية كبيرة لأسر المتوفين والمتضررين من الأخطاء الطبية عن الأضرار المالية والنفسية بدعوى تعارض التعويضات مع الدية في الإسلام ،وفي مقال سابق بيّنت أنّ الإسلام يقر التعويضات المالية والاكتفاء بفرض الدية التي تقدر بمائة ألف ريال للذكر ، ونصفها للأنثى للأسر التي تفقد عائلها نتيجة هذه الأخطاء، وعدم إغلاق المستشفى الذي أرتكب فيه الخطأ الطبي ، وسحب ترخيصه ، وعدم معاقبة مدير المستشفى لتشغيله أطباء غير مرخصين ، ويكتفى بفرض عليه بعض الغرامات المالية التي يستطيع تعويضها بإجرائه بضع عمليات ، وكذلك عدم معاقبته على تهريب الأطباء مرتكبي الأخطاء الطبية ، وضعف النظام الذي يحمل المنشأة الصحية 30% من قيمة التعويض إن ثبت تورط الطبيب الهارب في خطأ طبي، كل هذا جرأ مدير المستشفى الذي توفي فيه الدكتور طارق الجهني رحمه الله أن يكرر نفس المخالفات التي وقع فيها في حالة الدكتور الجهني مع ضحيته الجديدة المواطن ماجد القرني ( 32عاما) تاركاً طفله ( محمد) ابن الأربع سنوات الذي توفيت والدته قبل سنتيْن نتيجة خطأ طبي في إحدى مستشفيات بيشة ،فقد دخل ماجد ذاك المستشفى وهو يعاني من تجمع دموي بسيط في ظهره فطلبت منه إدارة المستشفى خمسين ألف ريال قبل إجراء العملية التي خرج بعدها جثة هامدة نتيجة خطأ طبي وقع فيه الطبيب الزائر الذي أجرى له العملية ، فلم يعطه الكمية اللازمة لتسييل الدم لمنع تجلطه ، فأصيب الشاب بجلطة تُوفي على إثرها ، وهرّب المستشفى كعادته الطبيب الذي ارتكب هذا الخطأ الطبي إلى بلده، ونلاحظ هنا أنّ نفس الذي حدث في قضية الدكتور طارق الجهني يتكرر مع ماجد القرني رحمهما الله طبيب زائر غير مرخص يُجري العملية بكل استهتار ، فيموت المريض نتيجة خطأ طبي ،ويهربه المستشفى عند علمه بأنّ أهل المريض قدموا شكوى ضده، ولم يتعظ المستشفى ممّا حدث للدكتور الجهني ،لأنّه لم يُعاقب العقاب الرادع من قبل الهيئة الشرعية الصحية، التي لم تطبق نظام المؤسسات الصحية الخاصة رغم ضعفه ،فالمادة 23 تنص على :»كإجراء تحفظي إيقاف ممارسة النشاط محل المخالفة إذا وجدت أدلة وقرائن قوية على وقوع مخالفات دل عليها التحقيق الأولي تكون عقوبتها في حالة ثبوتها سحب الترخيص أو إغلاق المؤسسة الصحية»، كما نجد الهيئة الشرعية تجاهلت تماماً المسؤولية الجنائية على صاحب المستشفى ومديرها، ولذا جاء حكمها قاصراً وغير منصف، فصاحب المستشفى أقر كتابياً أنَّه الذي عيْن الأطباء بدون ترخيص، وهنا أتساءل : كيف سُمح للمستشفى بفتح غرفة العمليات ، وقضية الدكتور الجهني التي أغلقت بموجبها لم يُبتّ فيها من قبل ديوان المظالم؟ ولماذا تباطأت الشؤون الصحية في جدة في قبول شكوى أسرة المتوفى ماجد القرني؟ ومن أبلغ المستشفى بتقديم أسرة ماجد شكوى ضده؟ وهل بالفعل المدة المتعاقد فيها المستشفى مع الطبيب الزائر قد انتهت ، فسافر لانتهاء مدة زيارته كما زعمت المستشفى ؟ أناشد معالي وزير الصحة بتكوين لجنة محايدة من الرياض للتحقيق في ذلك، وعمل تغيير جذري في الشؤون الصحية في جدة، فهي مسؤولة عن ممارسة أطباء غير مرخصين لمهنة الطب وعدم توفر الأجهزة الطبية اللازمة ، وعدم صلاحية بعضها، وذلك لعدم قيامهم بحملات تفتيشية على المستشفيات ، أو علمهم بتلك المخالفات وسكوتهم عليها ، كما أناشده العمل على تعديل نظام المؤسسات الصحية الخاصة بحيث يكون أكثر ردعاً لها بفرض تعويضات لصالح المريض وأسرته عن الأضرار المالية والنفسية المترتبة على الخطأ الطبي ،وتحميل صاحب المستشفى مسؤولية تعيين أطباء غير مرخصين ، وتهريبهم في حال وقوع أخطاء طبية منهم ، وعدم توفير الأجهزة الطبية اللازمة ،وذلك بمضاعفة الغرامات المالية ، مع إغلاق المستشفى لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ، وسحب الجودة عن مؤسسته إن كانت تحمل الجودة ، واستدعاء الطبيب المُهرّب عن طريق الإنتربول وإن تكررت نفس الأخطاء في المؤسسة ذاتها للمرة الثانية تضاعف الغرامة المالية أربعة أضعاف ويُغلق المستشفى ستة أشهر ، ويُعلن اسمها في الإعلام، ويُحمّل المستشفى 100% من قيمة الدية ،أو التعويض الذي سيقع على الطبيب وسجن صاحب المستشفى بدلاً من الطبيب المُهرّب في حالة ثبوت تهمة الخطأ الطبي عليه ، أمّا بشأن الهيئة الشرعية الصحية بجدة فلابد من تغييرها لضعفها ، و فيما يخص قيمة دية المتوفى نتيجة القتل الخطأ ، فما أعلن أنّ قيمتها ستصبح 280 ألف ريال بدلاً من مائة ألف ريال ، فهي قيمة مجحفة في تقدير قيمة الإنسان، ففي الحديث ( وفي النفس مائة من الإبل) و محكمة في الخبر قررت مليون ريال تعويضاً للناقة النافقة، فأرجو إعادة النظر في تقرير قيمة الدية ، مع مساواة الأنثى بالذكر فيها لقوله تعالى : ( ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله) ، فالصيغة هنا جاءت للعموم كقوله تعالى ( وإن أحدٌ من المشركين أستجارك فأجرْه حتى يَسمع كلام الله ثُمَّ أبلغه مأمنه) فأعطي للمرأة حق إجارة المحارب مثلها مثل الرجل تماماً، ثم أنّ القتل الخطأ لا يُقارن بموت المريض نتيجة خطأ طبي من طبيب غير مرخص له ، أو شهادته مزوّرة ،أو نتيجة عدم توفر الأجهزة الطبية اللازمة، أو عدم تمكُّن الطبيب من استخدام الأجهزة الطبية لعدم تمرُّنِه على كيفية استخدامها، فهنا خطأ شبه متعمد، كما أهيب بوزارة الصحة أن تنظم دورات تدريبية للأطباء والفنيين على كيفية استخدام الأجهزة الطبية الحديثة ، ولا يُسمح لأي منهم استخدام أي جهاز دون التمكن من حسن استخدامه ، فليس مبررا أنّ تطور الطب يؤدي إلى كثرة الأخطاء الطبية، كما يبرر ذلك وكيل وزير الصحة للتخطيط والتطوير والجودة الدكتور محمد خشيم!