أوضح فهد الشريف مدير التحرير بجريدة «المدينة» أن بعض المنابر الثقافية آلت إلى صحافيين غير مهنيين يفتقدون الخبرة، مشيرًا إلى انحصار الصحافة الثقافية وتقلصها في الصحف، ماضيًا إلى القول: حتى الملاحق الثقافية نفسها لم تستمر لأنها ملاحق أدبية بل لأنها تشكلت في الولوج عبر بوابة أشمل تمثلت في الثقافة حيث انتقلت الملاحق إلى إطار أشمل لتشمل السينما، والسياحة والآثار وغيرها من الأمور التي لم تكن مطروقة من قبل وهو ما أشير إليه بتغير الفكر الصحافي. جاء ذلك في الندوة التي نظمها النادي الثقافي الأدبي بجدة يوم أمس الأول لمناقشة «الصحافة الثقافية والمؤسسات الثقافية.. الاتفاق والاختلاف»، وشارك فيها بجانب الشريف الزميل خالد المحاميد الإعلامي بصحيفة الوطن السعودية، الذي استهل المحاضرة محدّدًا أربع مشتركات بين الصحافة الثقافية والمؤسسات الثقافية؛ متمثلة في الاشتراك في إشاعة المعرفة وتعميق الوعي الاجتماعي، ونشأتهما المتشابهة، وتوجههما معًا لمخاطبة شرائح اجتماعية على درجة ما من التفاوت على المستوى الفكري، أما المشترك الرابع فهو أن من يدير هاتين المؤسستين هما من النخبة المثقفة.. وبرغم حصره لهذه المشتركات الأربع إلا أن المحاميد يرى «أن عمل إدارة المؤسسة الثقافية يختلف عن إدارة المؤسسة الصحافية والثقافية». واختتم المحاميد حديثه بالإشارة إلى أن عمل الصحافة الثقافية لا يختلف عن عمل الصحافة بشكل عام في إثارة المشكلات والقضايا وخلق الشكوك لدى جمهورها، وأنها لا تستطيع أن تثبت حضورها إلا بطرح المشكلات والقضايا، إلى حد أنه من الممكن القول: إن الصحافة الثقافية لا تناقش أو تطرح المشكلات فقط، بل تبحث عنها وتخلقها أحيانًا. فهد الشريف قدّم في مستهل حديثه لمحة عن تكوين الصحافة ونشأتها وارتباطها بالمثقفين، داعيًا إلى التفريق بين الفعل الثقافي الصادر عن مؤسسات ثقافية وبين المادة الإعلامية والتي هي صناعة تتطلب آليات وطرائق للتناول ينبغي أن تتوفر لدى الصحافي، مشيرًا إلى الاختلاف بين الفعل الثقافي والعمل الصحافي، طارحًا عددًا من الأسئلة من بينها: ماذا تريد المؤسسة الثقافية من الصحافة وماذا تريد الصحافة من المؤسسة الثقافية؟ ليجيب على ذلك بقوله: هنالك غايات تختلف ما بين الصحافي والمثقف والقائم على المؤسسة الثقافية ترجع إلى الرؤيتين المختلفتين لكل منهما، منوّهًا أنه ينبغي ألا نغفل ما تقوم به المؤسسات الصحافية من دور تربوي وتثقيفي بنفس القدر الذي ينبغي علينا عدم إغفال أنها مؤسسات ربحية حتى وإن أدى ذلك إلى اختلاف وجهات النظر بين رؤية المثقف والصحافي. مبينًا أن جمهور المؤسسات الثقافية نخبوي لذلك استوجب العمل الصحافي أن يسوّق لهذه النخبوية حتى تتماشى مع الإنسان البسيط. واختتم الشريف حديثه بالإشارة إلى أن الصفحات الثقافية هي صفحات غير مدعومة، ولذلك يزاحم الإعلان الصفحة الثقافية فيما يغيب عن صفحة الرياضة أو المحليات. الأمسية شهدت العديد من المداخلات، حيث أشار الكاتب عبدالله فراج الشريف إلى القصور في الملاحق الثقافية مؤكدًا أنه ليس لدينا ملاحق ثقافية وإنما ملاحق تدعيّ أنها ثقافية، وأنه بها أناس غير متخصصين لا في الثقافة ولا في الصحافة، فيما طالبت الدكتورة فاطمة إلياس بفك الارتباط بين الملاحق الثقافية والملاحق الأدبية، فيما انتقد سعيد الغامدي غياب النقد الثقافي والأدبي، وعلّق جمي فارسي على حديث الشريف حول القصائد التي تنشر على صفحة كاملة في الصحف اليومية، وما إذا كانت تعد مادة صحافية أم إعلانًا مدفوع القيمة. ليختتم المداخلات الدكتور عاصم حمدان بالإشارة إلى أن الملاحق الأوروبية يطالها التوصيف باليسارية، وهو الأمر الذي لم تسلم منه ملاحقنا بظاهرة الإقصائية المشابهة.