ماذا لو دعت إحدى الصحف أو المجلات العربية إلى إقامة معسكرات إبادة لليهود؟ الكل يعرف أن ذلك يبدو مستحيلاً لعدة أسباب أولها أن الدين الإسلامي الحنيف يدعو إلى التسامح والوسطية والاعتدال، وليس إلى العنصرية والقتل والإبادة، وأن هكذا دعوات لا تصدر إلا عن أنفس مريضة، وأشخاص غير أسوياء، ينبغي محاسبتهم، إلى جانب ما يمكن أن تثيره مثل تلك الدعوة من موجة غضب عارمة على مستوى العالم وملاحقة ومطاردة ومحاكمة لمن يقف وراءها، وربما يصل الأمر إلى اعتباره مطلوبًا أمام المحكمة الجنائية الدولية. لكن المفارقة تبدو فيما لو صدرت مثل تلك الدعوة عن مجلة إسرائيلية تدعو إلى إقامة معسكرات إبادة للفلسطينيين ، على نحو ما نشره موقع (واي نت) التابع لصحيفة «يدعوت أحرونوت» الإسرائيلية أمس الأول، فلا يحرك العالم ساكنًا ، ولا تبادر السلطة الفلسطينية باتخاذ أي إجراء لوقف هذا السيل المتدفق من العنصرية الإسرائيلية التي تستهدف الشعب الفلسطيني بأكمله. المجلة التي توزع في الكنس اليهودية في جميع أنحاء إسرائيل تضمنت فتوى وقع عليها عدد من كبار الحاخامات تدعو إلى إقامة هذه المعسكرات، باعتبارها فريضة شرعية ، ومهمة «اليهود الأطهار» على نحو ما نشره الموقع الذي أضاف أنه حتى الحاخامات الذين رفضوا التوقيع على هذه الفتوى يؤيدون جوهرها. وليست تلك المرة الأولى التي يدلي حاخامات إسرائيل بفتاوى عنصرية تدعو إلى كراهية الفلسطينيين وتحرض على قتلهم ، فقد سبق أن دعا الحاخام الإسرائيلي زعيم حزب شاس المتطرف عوفاديا يوسف الرب أن يبتلي الفلسطينيين ورئيسهم بوباء يقضي عليهم، وسبق وأن أدلى أيضًا بتصريحات مماثلة عام2001 أثناء الانتفاضة الفلسطينية عندما دعا إلى إبادة العرب. مثل هذه الدعاوى والفتاوى التي تصدر عن حاخامات اليهود ومتطرفيهم بما في ذلك وزير الخارجية أفيجدور ليبرمان لا ينبغي أن تمر بلا محاسبة، إذ يتوجب على السلطة الفلسطينية، والجامعة العربية، ومنظمات المجتمع المدني، والمرجعيات القانونية العربية، وحتى أساتذة القانون العرب في الجامعات الأمريكية والأوروبية المطالبة بتقديم هؤلاء الحاخامات والساسة الإسرائيليين العنصريين للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية لدعواتهم العنصرية الصريحة الموثقة في الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية.