· يقول احد تقارير وزارة الخدمة المدنية أن هناك أكثر من 57 ألف وظيفة - معظمها في الطب والهندسة – لازالت مشغولة بالأجانب ، والسبب - بحسب التقرير – هو عدم وجود من يشغلها من المواطنين المؤهلين التأهيل المناسب !! .. هذا ما يقوله التقرير.. أما الواقع والمنطق فيقول إن السبب الحقيقي لن يخرج بحال عن احد أمرين ( مُرّين) ، فإما أن جامعاتنا لا تريد أن تؤهل من يشغل هذه الوظائف .. أو أن التنسيق بين الجامعات السعودية و جِهات التوظيف وصل حداً من العجز والضعف لا يجوز معه إلا الدعاء له بالرحمة ! . · وحتى لا يكون كلامي مرسلاً لا بينة فيه سأضرب مثالاً بجامعة ( طيبة ) التي يبلغ عدد طلاب السنة التحضيرية بقسم العلوم التطبيقية بها قرابة (1500) طالب ، جميعهم تخطى الثانوية العامة بنسبة نجاح تفوق 95 % ، وجميعهم أيضاً اجتاز الظلمات الثلاث ( التحصيلي والقياس والقدرات ) ، وهو ما يعتبر في عرف أي نظام تعليميّ رشيد مؤشرا واضحا على تميزهم .. إلى هنا لا مشكلة .. لكن الإشكالية الكبرى أن الأعزاء في الجامعة أدخلوا هذا العدد من المتفوقين في سباق ظالم بطريقة الكراسي الموسيقية على ( 100) مقعد فقط في كلية الهندسة .. أي أن 6.6 % فقط سيتم قبولهم ، بينما سيحرم 93.3% منهم من حلم الالتحاق بالهندسة ؛ رغم التقرير المنشور منذ زمن على بوابة وزارة الخدمة المدنية .. ورغم استغاثات هيئة المهندسين السعوديين التي تقول أن ثمة (120) ألف مهندس أجنبي في البلاد لابد من إحلال السعوديين مكانهم .. و لك أن تتخيل شكل السباق وآلياته و نفسيات الطلاب .. ناهيك عن أساليب ( التطفيش) و ألوان ( التعقيد ) التي تُمارس عليهم كشرط من شروط التصفية !. · قبل سنوات أعلن باحثون في جامعة ( ديوك ) الأمريكية أن الصين - التي لا يوجد بها اختبارات قياس ولا تحصيلي ولا حتى سنة تحضيرية - تُخرّج سنوياً حوالي (600 ) ألف مهندس ، مقابل ( 70 ) ألفاً فقط في الولاياتالمتحدة .. فثارت ثائرة الأمريكان واعتبروها إحصائية مُهينة تشير إلى فجوة كبيرة؛ لابد من التعامل معها بجدية لتصحيح الوضع ، إما بزيادة عدد كليات الهندسة ؛ أو بتوسيع القبول .. و هذا بالطبع لا يحدث إلا في دولة تقرأ الإحصائيات جيداً؛ و تدرك معنى التفوق الهندسي في مؤشرات التنمية . · إن سألتم بعد هذا عن آخر صرعات التفوق الهندسي الصيني فستأتيكم الإجابة من شركة (MAD architects ) التي كشفت النقاب مؤخراً عن مشروع ناطحة سحاب غريبة في فكرتها وتصميمها , تجمع بين الطبيعة الزراعية للصين وبين المدن العصرية ، و تتكون من (70 ) طابقا ، كل طابق يحتوي بالإضافة إلى المكاتب والشقق السكنية على غابة طبيعية متفردة في أشجارها وطيورها ، بهدف جلب الطبيعة الحية إلى قلب المدن ، حيث يمكنك القيام بنزهة حقيقية في الغابات الصينية التي لا تبعد عن شرفة منزلك إلا خطوات قليلة . · أما إن سألتم عن آخر أخبار شبابنا من ضحايا القبول بكليات الهندسة السعودية ، فسأقول لكم إن الغالبية العظمى منهم تحولوا إلى شلة من ( المهايطية ) يبنون (ناطحات سراب) في فضاءات ( أم رقيبة) التي يبلغ حجم مبيعات ( بعارينها ) أكثر من نصف مليار ريال سنوياً . [email protected]