للآباء على أبنائهم حقوق عظيمة، اقترن رضاهما برضا الله، واقترن عقوقهما بأكبر الكبائر، وللأبناء حقوق على آبائهم، فالأبناء نعمة من نعم الله على عباده، فهم زينة الحياة الدنيا وزهرتها وبهجتها (المال والبنون زينة الحياة الدنيا)، وهم امتداد لنا في هذه الحياة الزائفة، فما أحوجنا في هذا الزمن العصيب أن نربي أبناءنا وبناتنا ونجتهد ونعمل على تهيئتهم وتنشئتهم وإعدادهم الإعداد السليم حتى يكونوا عوامل بناء متسلحين بالإيمان والمعرفة والشعور بتحمل المسؤولية. إن الإصلاح والتعليم يبدآن بالتربية السليمة فكما نحرص جاهدين على توفير الطعام والشراب والثياب والمسكن لهم لا بد أن نحرص أيضًا على تربيتهم التربية الإيمانية والأخلاقية والعقلية والنفسية فهم أمانة في أعناقنا استودعها الله لدينا، فالآباء الصالحون يجتهدون في تربية أبنائهم ويحاولون أن يوصلوا مع أبنائهم إلى بر الأمان ومن بعض الحقوق الواجبة على الآباء تجاه أبنائهم الدعاء لهم، فقد كان السلف الصالح يجتهد في تربية أبنائهم منذ ولادتهم وحتى استقلال أبنائهم عنهم ويعلمون تمامًا أن الأمر كله لله فيدعون لهم ويتضرعون لله في صلاح أبنائهم، إن مما ينبغي على الآباء فعله هو عدم الدعاء على أبنائهم ويستحسن الابتعاد عنها بأي حال من الأحوال فقد نهى عليه الصلاة والسلام عن الدعاء على الأبناء، فقال: (لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم). فبعض الآباء يغضبون على أبنائهم يتسرعون ويكثرون من الدعاء عليهم بسبب إساءة أو عقوق فينبغي على الآباء ألا يلجأوا إلى الدعاء عليهم في أي وقت بمجرد تذكر الإساءة أو العقوق فإنهم أول من يكتوي بنار الدعاء عليهم ويتألمون إذا أصاب أحدهم مكروه ويتحججون بأنهم لا يقصدون المضرة لهم، إن كثرة الدعاء على الأبناء يؤدي إلى زيادة في الفساد والعناد والعقوق، فقد جاء رجل إلى عبدالله بن المبارك رحمه الله يشكو إليه عقوق ولده فسأله ابن المبارك: أدعوت عليه؟ قال: نعم، قال: اذهب فقد أفسدته.. فعلى الآباء احتواء أبنائهم قدر الإمكان والإصغاء لهم والدعاء لهم والتريث عليهم والصبر على عقوقهم، وألا يطلقوا العنان لألسنتهم بالسب واللعن واللوم الشديد فربما أدرك الأبناء خطأهم ورجوعهم إلى جادة الصواب، وليعلم الآباء أنهم هم الخاسرون لو استجابت دعوتهم فسوف يندمون كثيرًا ساعة لا ينفع الندم. عيسى سعيد أحمد - مكة المكرمة