ثلاثة أيام تفصل ما بين وحدة أو انفصال جنوب السودان عن الوطن الأم بعد 56 عاما من العيش المشترك في ظل حروب اشتعلت لسبب أو لآخر وأدت لخسائر بشرية ومادية عطلت نمو البلاد والخريطة بعد يوم الأحد لن تكون كالسابق وهي أبجديات تعرفها تماما الخرطوم وتعيها جوبا والجوار المحلي والأقليمي والدول التي تسعى لموطئ قدم في المنطقة أو تكريس نفوذها بأشكاله المختلفة في عالم تتناقص فيه الموارد وتشتد فيه التجاذبات والاستقطابات إذن على الجنوبيين والشماليين يقع عبء تنفيذ استفتاء أمن وشفاف يعبر عن طموحات أهالي الجنوب ولا يلغي أو يهمش أي كيان فيه بأي عذر وإنه لا يمكن وضع ألغام أو إشكاليات تفخخ تكوين الدولة الجنوبية أىا كان اسمها لتسمم العلاقات بين الشعبين وتقود إلى حروب جديدة لا حاجة لها. ومما يطمئن حتى الآن أن الاستفتاء يمكن أن يتم بسلاسة، أوضحت معالمه زيارة الرئيس السوداني البشير إلى جوبا أمس الأول وإعلانه من هناك قراره بنتائج الاستفتاء والعمل على توطيد علاقات الدولتين رغما عن كل شيء ومد يد التعاون إلى الجنوب وقيادته وترحيب سلفا بذلك وإعلانه طرد حركات دارفور الميلحة من أراضي الجنوب والاشادة بالزيارة لأنها تفضي إلى تهدئة الخواطر وتؤكد أن الانفصال سيتم دون مشاحنات وحتى يوليو المقبل سيدخل الطرفان في مفاوضات وفق بنود اتفاق السلام لحسم القضايا العالقة في الخلافات حول الحدود ومنطقة أبيي وغيرها. لقد أكدت زيارة البشير على أهمية السلام وعلى تنفيذ ما تعاهد عليه الطرفان في اتفاقية نيفاشا والنوايا الحسنة التي أبداها شريكا الحكم حتى الآن تجد تأييداً واسعاً من المتابعين للشأن السوداني إقليمياً ودولياً إذا تشكل خطابا متزنا لمجابهة الواقع المعقد الذي يصاحب المستجدات بعد الاستفتاء فالانفصال إن وقع سيكون أمراً مؤسفا لكن الواقع الأكثر منه مرارة اندلاع حرب جديدة بعد وقبل الانفصال لذلك. فالسلام الذي عول عليه الطرفان وفق ما أعلناه هو الطريق المأمون لعلاقة سليمة ومعافاة يسودها التعاون للاستفادة من القواسم المشتركة بين الشمال والجنوب.