لم يكد يجف حبر مقالي الذي كان بعنوان: (نصيحة صادقة: صَلِّ صلاة مودّع) أنعي فيه سوء الخدمات الصحية، وضعف العقوبات التعزيرية، وقلة الغرامات المالية في مواجهة الأخطاء الفادحة القاتلة التي يرتكبها القطاع الخاص، حتى فاجأتني صحيفتا (عكاظ، والمدينة) بخبرين مؤلمين جديدين، أولهما لعكاظ بتاريخ 25 ديسمبر بعنوان: (السجن والغرامة لموظفين استخرجا شهادة مقابل 60 ألف ريال)، والشهادة طبعًا لطبيب زائف، تسمح له بممارسة الطب في بلادنا، أي باختصار تعلّم الحلاقة في رؤوس المواطنين اليتامى. الموظفان تابعان للهيئة السعودية للتخصصات الصحية، التي (أصمّت) آذاننا بشعارات الجودة والضبط والربط التي تمارسها (بدقة عالية) كي لا ينفذ محتال منها، لكن يبدو أن جمالاً كثيرة قد نفذت من سم الإبرة التي تفاخر بها الهيئة. نصيحتي هذه المرة خالصة صادقة للهيئة: (راجعوا أوراقكم، وافحصوا ملفاتكم، واحصوا هؤلاء المزورين الذين تعج بهم مستشفياتنا ومستوصفاتنا الخاصة تحديدًا! تداركوا الأمر، وحدّوا من المهازل، فقد بلغ السيل قويزة). وأمّا العقوبة الإنسانية (الرقيقة) فلم تتجاوز 3 أشهر سجن من تاريخ الإيقاف، وغرامة عشرة آلاف ريال فقط لا غير. كيف تردع هذه العقوبات (الناعمة) غيرهم من المحتالين والمزوّرين؟ الجواب عند القضاء الموقر، الذي يحكم في قضية سرقة خروف بسجن 3 سنوات، مع ألوف الجلدات في حين لا ينال هؤلاء المجرمون سوى (طبطبة على الظهر)!! عالم من المتناقضات التي لا يفهمها أطرش ولا عاقل. والخبر الآخر المنشور في “المدينة” بتاريخ 26 ديسمبر كان عن (سحب ترخيص طبيب ومالك مستشفى خاص بجدة لعدم أهليته للمهنة، إذ ارتكب أخطاء طبية أفقدت 4 مرضى منافع البول والغائط). تاريخ أسود لطبيب (أي كلام) يمارس (الجزارة) في حق مرضى البواسير والمسالك البولية، فيحيلهم إلى المقابر، أو إلى أجهزة بشرية معطّلة. وأمّا الحكم فكالعادة دية بقيمة سيارة عراوي فاخر. وأمّا المشكلة، فإن الطبيب لا يزال يعمل مع أن هناك (مناشدات) بإيقاف عمليات (الجزارة)، وإغلاق المستشفى. ويبدو أن لسان حال صاحبنا يقول: (مت يا حمار حتى يجيك العلوق)!! ولا زال المسلسل مستمرًا!! [email protected]