مدرب العراق: سأواجه «السعودية» بالأساسيين    الفرصة لا تزال مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    مآل قيمة معارف الإخباريين والقُصّاص    الصندوق السعودي للتنمية يموّل مستشفى الملك سلمان التخصصي في زامبيا    مهرجان الرياض للمسرح يبدع ويختتم دورته الثانية ويعلن أسماء الفائزين    سورية الجديدة.. من الفوضى إلى الدولة    99.77 % مستوى الثقة في الخدمات الأمنية بوزارة الداخلية    خادم الحرمين يهنئ رئيس المجلس الرئاسي الليبي بذكرى استقلال بلاده    الأمن.. ظلال وارفة    إحالة 5 ممارسين صحيين إلى الجهات المختصة    اجتثاث الفساد بسيف «النزاهة»    أميّة الذكاء الاصطناعي.. تحدٍّ صامت يهدد مجتمعاتنا    عبقرية النص.. «المولد» أنموذجاً    مطاعن جدع يقرأ صورة البدر الشعرية بأحدث الألوان    نائب أمير مكة يفتتح ملتقى مآثر الشيخ بن حميد    ضيوف برنامج خادم الحرمين يؤدون العمرة    «كليتك».. كيف تحميها؟    3 أطعمة تسبب التسمم عند حفظها في الثلاجة    من «خط البلدة» إلى «المترو»    122 ألف مستفيد مولهم «التنمية الاجتماعي» في 2024    أهلا بالعالم    كرة القدم قبل القبيلة؟!    ليندا الفيصل.. إبداع فني متعدد المجالات    قائمة أغلى عشرة لاعبين في «خليجي زين 25» تخلو من لاعبي «الأخضر»    «إسرائيل» ترتكب «إبادة جماعية» في غزة    فِي مَعْنى السُّؤَالِ    التحليق في أجواء مناطق الصراعات.. مخاوف لا تنتهي    ضبط شخص افتعل الفوضى بإحدى الفعاليات وصدم بوابة الدخول بمركبته    دراسة تتوصل إلى سبب المشي أثناء النوم    ثروة حيوانية    تحذير من أدوية إنقاص الوزن    وسومها في خشومها    حرس الحدود بجازان يدشن حملة ومعرض السلامة البحرية    وانقلب السحر على الساحر!    ضرورة إصدار تصاريح لوسيطات الزواج    النائب العام يستقبل نظيره التركي    منتخبنا كان عظيماً !    5 مشاريع مياه تدخل حيز التشغيل لخدمة صبيا و44 قرية تابعة لها    استثمار و(استحمار) !    رفاهية الاختيار    نيابة عن "الفيصل".. "بن جلوي" يلتقي برؤساء الاتحادات الرياضية المنتخبين    الأخضر يستأنف تدريباته استعداداً لمواجهة العراق في خليجي 26    اختتام دورات جمعية الإعاقة السمعية في جازان لهذا العام بالمكياج    آل الشيخ: المملكة تؤكد الريادة بتقديم أرقى الخدمات لضيوف الرحمن حكومة وشعبا    وزير الدفاع وقائد الجيش اللبناني يستعرضان «الثنائية» في المجال العسكري    موارد وتنمية جازان تحتفي بالموظفين والموظفات المتميزين لعام 2024م    "التطوع البلدي بالطائف" تحقق 403 مبادرة وعائدًا اقتصاديًا بلغ أكثر من 3مليون ريال    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    وطن الأفراح    46.5% نموا بصادرات المعادن السعودية    التخييم في العلا يستقطب الزوار والأهالي    مسابقة المهارات    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



2010-2011 عقد من التحولات.. إرهاب وحروب وكوارث اقتصادية أفرزها “النظام الفوضوي الجديد”
نشر في المدينة يوم 30 - 12 - 2010

انتهى العِقد الأول من القرن الجديد، وتشكلت ملامح هذا القرن بانعطافات تاريخية مهمة ستبقى آثارها باقية في المستقبل، وستضطر الأجيال القادمة إلى التعامل مع معطياتها ونتائجها بشكل أو بآخر، وكما سقط ضحايا كثيرون هم بالملايين في السنوات العشر نتيجة حروب واشتباكات مسلحة وكوارث طبيعية وأوبئة فتاكة، سقطت أفكار تقليدية ونظريات وفرضيات سياسية واقتصادية وإنسانية كانت تسود قطاعًا عريضًا من العالم. فمن كان يجزم باستمرار الولايات المتحدة كالقطب العالمي الأوحد في النظام العالمي الجديد لفترات طويلة أصبح لزامًا عليه أن يراجع حساباته ويعيد ترتيب أوراقه وفقا للأحداث والتفاعلات التي هزت العالم في العشر سنوات الماضية بداية من أحداث الحادي عشر من سبتمبر الدامية في نيويورك وواشنطن عام 2001، ومن كان يتصور هيمنة الرأسمالية الغربية واشتداد عودها بمرور الزمن أصبح لزاما عليه التأني وإعادة قراءة مسببات ونتائج الأزمة المالية العالمية التي هزت العالم في عام 2009 وأصابت الأسواق بالكساد والناس بالإحباط. كما أدت تقلبات أسعار النفط العالمية وارتفاعها بشكل غير مسبوق في عام 2008 ثم انخفاضها بشكل غير مسبوق أيضا في العام، الذي يليه إلى أن تعيد الحكومات التي تعتمد اقتصادياتها على النفط تنويع مصادر دخلها وتعزيز الاستثمارات في مجتمعات المعرفة والتقنية. أما الكوارث الطبيعية التي ازدادت وتيرتها في العقد الماضي بشكل مخيف وفى كل أرجاء العالم وبالأخص مناطق شرق آسيا بموجات المد البحري والبراكين والزلازل والأعاصير فتعني ببساطة أن مستقبل هذا الكوكب لم يعد آمنا على الإطلاق وان بيئته التي تتعرض للتدمير التدريجي لن تنقذها إلا استراتيجيات فعالة ظلت مهملة لفترات طويلة من الوقت وعلى رأسها خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري. ومثلما أضاف العقد الماضي تحديات سياسية واقتصادية وبيئية أضاف تحديات مماثلة للمهمومين بصحة الإنسان على سطح هذا الكوكب، وأزعجت العلماء انتكاسات صحية وظهور أمراض خطيرة ومخيفة مثل أنفلونزا المكسيك “اتش وان ان وان” التي هددت حياة الناس في الصميم، وبدا واضحًا أن مستقبل الطب في حاجة لتكاتف الجهود للتعامل مع مثل هذه الظروف التي لا يمكن توقع تاريخ بدايتها. في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين تصادم الجميع، تصادمت الحكومات وتطور الأمر إلى حروب ومواجهات عسكرية، وتصادم الإنسان مع الطبيعة فلوثها فصبت الأخيرة جام غضبها عليه بيئيا وصحيا، وتصادمت الأفكار والأيديولوجيات مع بعضها البعض، فسادت المسرح العالمي حالة من الارتباك السياسي، وكانت نتيجة الصدامات الفكرية سواء في أسلوب التعامل مع الأحداث أو ردود الأفعال اشتباكات ومواجهات سواء بين الدول أو حتى في داخل الدولة ذاتها، وأثرت هذه المصادمات على صانعي القرار وعلى شعوب العالم وأملت عليهم واقعا مؤسفا في غالب الحال بات التعامل مع نتائجه المستقبلية أكثر أهمية وأكثر إلحاحا. وضع التصادم هذا مستقبل الإنسانية في صورة مهتزة ومشوشة، وربما مشوهة، وتصحيح او تجميل الصورة ليس سهلا، ويحتاج إلى طاقات كبيرة واتساع أفق أكبر وأرحب، ونحاول من خلال التقرير التالي تتبع ملامح الصورة، كما رسمها الإنسان وصاغتها الطبيعة منذ بداية الألفية الجديدة وحتى يومنا هذا. --------------------- الإرهاب لم ينته.. انظر حولك! ومع تواري القوة الناعمة بأساليبها وآلياتها فترة من الوقت في أعقاب هجمات سبتمبر، بدا وكأن العالم قد أقبل على سنوات من الرعب؛ الرعب من الانتقام الأعمى للولايات المتحدة ومن الإرهاب في ذات الوقت، وعاش العالم فترة عصيبة، وفي الداخل الأمريكي كان الهلع أشد وطأة، حتى أن بعض الكتاب قارنوا بين هذه السنوات وعهد الرعب Reign of Terror الذي اقترن باسم اليعقوبيين إبان الثورة الفرنسية، وأدى تنامي نفوذ الإدارة في الداخل وتراجع الحريات إلى اتخاذ سياسات من شأنها إسكات المعارضة وإعادة تشكيل المجتمع وفق وجهة واحدة تبناها المحافظون الجدد. وزاد من الخوف الانتقادات التي وجهت لحرب الولايات المتحدة في أفغانستان، حيث تبين أنها لم تقض تماما على البؤر الإرهابية كما كان مطلوبا، وامتد الهلع إلى أوروبا وخاصة بعد مشاركة قوات أوروبية في حرب العراق، وقد كان هذا الهلع منطقيا، ففي صباح الحادي عشر من مارس‏ عام 2004 شهدت العاصمة الإسبانية مدريد عشرة تفجيرات في أربعة قطارات للركاب في وقت الذروة الصباحية‏،‏ أودت بحياة نحو 190‏ قتيلًا وإصابة 1200‏ آخرين‏، وفي صباح السابع من يوليو عام 2005 شهدت العاصمة البريطانية لندن سلسلة من التفجيرات المتزامنة استهدفت محطات لمترو الأنفاق، أسفرت عن مصرع 50‏ شخصًا وإصابة 700‏ آخرين في عملية إرهابية منظمة للقاعدة. وامتدت أيدي الإرهاب الآثمة إلى المملكة العربية السعودية في أكثر من مرة لعل أبرزها استهداف مجمعات لسكن الأجانب في العاصمة الرياض قتل فيها 34 شخصا في عام 2007، كما امتد الإرهاب إلى المغرب بعد ذلك بأسبوع واحد، حيث استهدف الارهاب خمسة أماكن هي فندق سفير وقنصلية بلجيكا ومقبرة يهودية قديمة وناديًا للطائفة اليهودية عن طريق مجموعات من الانتحاريين. وفي فبراير عام 2009 لقيت سائحة فرنسية مصرعها، وأُصيب نحو 21 آخرين من بينهم 17 سائحًا أجنبيًا، نتيجة انفجار عبوة ناسفة في منطقة “الحسين” بوسط العاصمة المصرية القاهرة، أما في اليمن فوقع العديد من الحوادث الإرهابية من ضمنها تفجير انتحاري نفسه في 15 مارس 2009 في وفد سياحي كوري في محافظة حضرموت جنوب اليمن، ما أسفر عن مقتل أربعة سياح منهم ومواطن يمني وإصابة أربعة آخرين. إسرائيل.. فرصة مواتية للإجرام أدت الأفكار المثيرة التي أضافتها الولايات المتحدة لنظريات الواقعية الجديدة الحاكمة للنظام الدولي في أعقاب هجمات سبتمبر إلى إطلاق العنان للساسة في إسرائيل لإعادة مصطلح الحرب العادلة Just War إلى الحياة مرة أخرى، ومنطقيا فقد استفادت إسرائيل كثيرا من هجمات سبتمبر في تبرير تصرفاتها الحمقاء ضد الفلسطينيين وفي لبنان، فأصبحت ملاحقة النشطاء الفلسطينيين على اختلاف توجهاتهم جزءًا من الحرب العادلة، كما تصورها فيلسوف القانون الطبيعي اكيناس في القرن الثالث عشر، وقد ظنت إسرائيل بعدوانها على الفلسطينيين وعلى اللبنانيين أنها تملك عدالة القضية وعدالة التصرف من اجل حماية “الأمن القومي” و“مصالح الغرب”، ولكن فاتها أن الحرب العادلة من ضمن افتراضاتها أنها لا تقر ولا تسمح بالأعمال الوحشية، ولكن نظرا لاعتياد إسرائيل على القتل منذ نشأتها لم يكن هذا الافتراض ضروريا ولا مطلوبا. --------------------- الجيوش تتحرك..أي قوة ناعمة؟ لم تترك بداية القرن الجديد مجالا لأنصار القوة الناعمة، كما تصورها المحلل السياسي الأمريكي وعميد كلية كينيدى للدراسات الحكومية “جوزف ناي” في جامعة هارفارد العريقة، بأن يبشروا بقدوم عصر جديد من الهدوء والسكينة في النظام العالمي، فمنذ إطلاق ناى المصطلح لأول مرة في التسعينيات ثم إعادة طرحه في عام 2004، لم يكن هناك دليل واضح وكاف يدفع الناس إلى الإيمان بتغير مفهوم القوة لدى صانعي القرار وتحوله إلى وسيلة للترويج والترغيب في الأفكار والسياسات استنادا إلى برنامج سياسي يرتب الأولويات بالنسبة للآخرين. ما كاد العام الأول من العقد الجديد يلفظ أنفاسه حتى كشر الإرهاب عن أنيابه مستهدفا القطب العالمي الأوحد، ففي الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 انهار برجا مركز التجارة العالمي بواسطة طائرات مدنية لتسفر الأحداث عن مصرع ما يزيد على ثلاثة آلاف شخص. ولم يكن الحدث لضخامته وبشاعته ومكان حدوثه أمرًا عاديًا، فالهجوم أفرز أفكار وسياسات أمريكية صاغت السنوات التي تلته، وسرعان ما سيطرت على الأمريكيين “القوة الخشنة” وانتفض الكثيرون سريعا لتأييد المحافظين الجدد وسياساتهم المتشددة التي توعدت بشكل صريح دول العالم بلا استثناء، وروجت بشكل واضح لعقيدة “إن لم تكن معنا فأنت ضدنا”، فبدا الأمر وكأن الإدارة الأمريكية تخطط للانتقام من العالم كله وليس من منظمة إرهابية تسمى القاعدة، وزاد من سخونة الأمر التصريحات المتشددة والمتوعدة لرامسفيلد وتشيني وولفوتز وغيرهم من صقور الإدارة الأمريكية حينها، وترجمت هذه التصريحات إلى إعلان الحرب على أفغانستان ومطاردة أعضاء القاعدة في كل مكان. والرئيس بوش أعلن في حينها أن هذه الحرب قد تكون طويلة الأمد، وقد تستغرق 50 عامًا، لأن الإرهابيين هم أعداء غير مرئيين، متغلغلين في المجتمعات وتغذيهم أفكار وأيديولوجيات متطرفة. وحددت الإدارة الأمريكية إضافة إلى تنظيم القاعدة وزعيمها أسامة بن لادن قائمة دول محور الشر‏‏ وضمت كلا من أفغانستان وإيران والعراق‏.‏ وقد شكلت هذه الحرب منعطفا تاريخيا خطيرا وغير مسبوق في التاريخ لكونها حربًا غير واضحة المعالم، شابها الكثير من الغموض والشكوك والجدل، واختلفت عن الحروب التقليدية بكونها متعددة الأبعاد والأهداف. وقد تزايد الشك في ماهية هذه الحرب ودلالاتها ومسبباتها. لم يشأ القطب العالمي الأوحد أن يهدئ من توجهه التصادمي، فكانت ذريعة حماية الأمن القومي الأمريكي هي الخيار الجاهز للرد على الانتقادات كافة للسياسة الأمريكية في الداخل والخارج، ولم يتعلق الأمر بالدول الإسلامية وحدها، فامتدت الخلافات إلى الاتحاد الأوروبي في العام 2002 نتيجة إصرار الولايات المتحدة على ضرورة غزو العراق بعدما تضامن الأوروبيين مع الولايات المتحدة تعاطفا مع الضحايا في بداية الأمر حتى أنهم رفعوا شعار “كلنا أمريكيون” ردًا على جميل الولايات المتحدة لأوروبا وتعميرها بعد الحرب العالمية الثانية، ولكن ما أن وقعت الخلافات حتى تهجم المثقفون الأوروبيون على أسلوب واشنطن في تسويق نفسها كالقوة العظمى المدافعة عن الحريات وحقوق الإنسان في العالم في ذات الوقت الذي بات مسؤولوها يهددون ويتوعدون ويخططون للضرب ليل نهار، وانطلاقا من عام 2002 أطلق بعض المثقفين مصطلح “نظام الفوضى العالمي” على الشكل الذي باتت تتحكم فيه العلاقات الدولية، وفرض النظام الجديد سياسة الأمر الواقع بدلا من اعتماد التشاور والحوار واستكشاف طرق الحلول الدبلوماسية، ووضع النظام مساعدة الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان إلى خانة التهميش، وحيد سلطات المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة حتى لا تتصادم توجهاتها مع مصالح القوة الأعظم في العالم. وامتنع النظام الفوضوي عن الانخراط في عدة اتفاقيات دولية مهمة. لم يكن أنصار القوة الناعمة سعداء بالتأكيد وهم يرون الجيش الأمريكي يتأهب لغزو أفغانستان والقضاء على القاعدة وحكومة طالبان، ولكن من المؤكد أن نتائج هذه الحرب قد زادتهم يقينا بصحة موقفهم. صحيح أن الحرب قد حدت كثيرا من إمكانات تنظيم القاعدة وقضت على الكثير من أعضائها، إلا أن سوء الحال في البلد والفشل في تحقيق إنجاز ملموس في هذه الدولة الفقيرة. تحرك الصقور مجددا للتحليق فوق العراق، وبات غزو العراق في رأى الرئيس بوش وإدارته أمرا ضروريا وعاجلا، حتى وان لم يتوافق ذلك مع الرغبة الدولية أو قرارات الأمم المتحدة، وقد كان المبرر الأول لضرب العراق هو مكافحة الإرهاب، وبالفعل سقطت بغداد في التاسع من أبريل عام 2003 على يد الأمريكيين، وفي شهر ديسمبر تم العثور على الرئيس العراقي السابق صدام حسين بعد عمليات البحث عنه التي طالت مختبئا في حفرة تحت الأرض، وتستمر بعد ذلك محاكمات شكلية ومداولات وجلسات انتهت إلى ما توقعه الجميع وهو إعدام صدام في الثلاثين من ديسمبر عام 2006. ----------------- وفاة السياسيين.. اغتيالات.. عواقب خطيرة شهد العقد الأول من القرن الجديد العديد من الأحداث التاريخية التي غيب فيها الموت رموز سياسية كانت تعني الكثير بالنسبة لشعوبها واكتسبت مصداقية عالمية واحتراما كبيرا، ففي الحادي عشر من نوفمبر توفى الرئيس الفلسطيني القائد ياسر عرفات في مقره بعد حصار طويل في مدينة رام الله، وطويت صفحة عظيمة من النضال الفلسطيني من أجل استعادة الأرض والحق المسلوب، ولم يقض صعود الرئيس الجديد محمود عباس (أبو مازن) إلى الواجهة على الخلافات والانقسامات التي ظهرت بين الفصائل الفلسطينية والتي بلغت شدتها مع فوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية في يناير عام 2006، وتبادلت فتح وحماس
الاتهامات بالمسؤولية عن حصار غزة واختلفت وجهات النظر في العديد من القضايا، وشهدت هذه الفترة محاولات حثيثة من أطراف عربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية لدعوة الأطراف الفلسطينية إلى حقن الدماء وتحكيم العقل وتغليب لغة الحوار على لغة السلاح وكان أبرز هذه الجهود اتفاق مكة في الثامن من فبراير عام 2007 وتم فيه الاتفاق على إيقاف أعمال الاقتتال الداخلي وتشكيل حكومة وحدة وطنية. وكما صدم الشعب الفلسطيني بوفاة رمزه النضالي ياسر عرفات، صدم الشعب اللبناني باغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري في الرابع عشر من فبراير عام 2005، الأمر الذي ترتب عليه الكثير من التداعيات السياسية والأمنية منها اجتماع المعارضة اللبنانية في فندق البريستول ببيروت وإعلان قيام “انتفاضة الاستقلال” حتى الانسحاب السوري من لبنان، ثم استقالة حكومة عمر كرامي بعد أن اتهمتها المعارضة بالتقصير أو التواطؤ في الاغتيال وتدخل مجلس الأمن الدولي بقرار 1757 لإنشاء المحكمة الدولية الخاصة بمحاكمة قتلة الحريري بعدما رفعت لجان التحقيق توصياتها بإنشائها وأصبح للمحكمة وجود قانوني في شهر يونيو عام 2007. منذ ذلك الحين وحتى اليوم تتضارب التوقعات والآراء حول المحكمة ورأتها بعض الأطراف مثل حزب الله اللبناني وسيلة للتضييق على لبنان واستهداف الحزب بالإشارة إلى تورط أعضائه في هذه العملية. ووسط الاحتجاجات اللبنانية والضغوط الدولية على سوريا، اتخذت الأخيرة قرارًا تاريخيًا في شهر مارس من عام 2005 بالانسحاب من لبنان منهية في ذلك عقودا قاربت الثلاثة من التأثير المباشر في الشأن اللبناني، وفي معظم تفاصيل الأحداث في لبنان. وقد غيّر هذا الانسحاب في الطبيعة السياسية للمنطقة بشكل واضح. والأحداث التي تلت وفاة عرفات أو اغتيال الحريري وتغييرهما لملامح الشرق الأوسط تدل على القيمة الكبيرة والمكانة السياسية للراحلين، وهناك مناطق أخرى من العالم واكبت نهاية الرموز السياسية أحداثا مهمة، مثل اغتيال رئيسة الوزراء الباكستانية بنظير بوتو برصاصة في الرأس في سياراتها عندما كانت في جولة تفقدية في مدينة روالبندي في السابع والعشرين من شهر ديسمبر من عام 2007 وحتى اليوم تواصل السلطات الباكستانية البحث عن القتلة بعدما أنشأت محكمة خاصة للتحقيق في ملابسات الاغتيال، وقد أدت الحادثة إلى اضطراب الوضع السياسي في البلاد وتأزم موقف الرئيس عاصف علي زرداري الذي تولى مقاليد الحكم في سبتمبر من عام 2008 وانتقادات أخرى طالت الجنرال برويز مشرف الرئيس السابق للبلاد الذي تنحى عن السلطة في أعقاب الحادث. ----------------- أوباما ومواكب الأمل وكما ازدادت مساحات التفاؤل بعد بروز القيادات الأوروبية الجديدة التي تحدثت عن السلام والتنمية في العالم، أحدث صعود باراك اوباما إلى سدة الحكم في البيت الأبيض كأول حاكم أسود للبلاد حالة من الارتياح في الولايات المتحدة والعالم في ظل تصريحاته المشجعة وخطبه الملتهبة عن ضرورة إحلال السلام ودفع أمريكا والعالم إلى فترة من الاستقرار بعد سنوات من الفوضى والتخبط واتخاذ العنف وسيلة لحل المشكلات. وبات واضحا أن عصر القوة الخشنة في طريقه للتراجع وان القطب العالمي الأوحد يجاهد من أجل الحفاظ على البقية الباقية من مبررات استمراره على رأس النظام العالمي. ومع وعود أوباما الانتخابية تفاءل العالم بعام مختلف يسود فيه الاحترام المتبادل وترتقي لغة التحاور لتحل محل الخلاف والمواجهة، وتفاءلت شعوب الشرق الأوسط على وجه التحديد بعدما أنهت الآلة العسكرية الإسرائيلية عدوانها الغاشم على غزة وتوقفت عملية “الرصاص المتدفق”، التي أذهلت وأزعجت العالم وكشفت وجه إسرائيل القبيح أمامه. واستمر موكب الأمل في إصلاح ما أفسده العنف والتشدد والمواجهة، فاستقبل الكثيرون خطاب أوباما التاريخي للعالم الإسلامي الذي ألقاه في جامعة القاهرة بارتياح، وتعزز الشعور بإمكانية تحقيق نوع من الاستقرار في الشرق الأوسط وتحسين العلاقة المتدهورة بين شعوبه وبين الولايات المتحدة، وخلق انسحاب معظم القوات الأمريكية من العراق قبل الانسحاب الكامل في 2011 مبررا إضافيا بإمكانية ردم فجوة الشقاق بين العالم العربي والولايات المتحدة، وتعزز هذا كله مع تصريحات الإدارة الأمريكية الجديدة بشأن دعم جهود التنمية في دول الشرق الأوسط، ومع تصريحات أوباما بالحوار المباشر والصريح مع إيران، ومع جهود الولايات المتحدة لتحسين صورتها في دول العالم بشكل عام ووعود اوباما بإغلاق معتقل جوانتنامو وإعادة الثقة في النظام المالي. واستهدف أول قرار لاوباما معتقل جوانتانامو، رمز تجاوزات عهد سلفه جورج بوش الذي وعد بإغلاقه في اقرب وقت ممكن، ثم أعلن في السابع والعشرين من شهر فبراير من عام 2009 انسحاب معظم القوات الأميركية من العراق قبل نهاية أغسطس 2010 والانسحاب الكامل قبل نهاية 2011. وامتدت مساحات التفاؤل مع إلقاء أوباما لخطاب تاريخي في جامعة القاهرة في الرابع من شهر يونيو، الذي استهله بكلمتي شكرا والسلام عليكم باللغة العربية، عرض فيه على المسلمين وضع حد لدائرة الريبة والخلاف مع الولايات المتحدة وحل نزاع الشرق الأوسط، وإقامة الدولة الفلسطينية. وحث الرئيس الأمريكي في خطابه على ضرورة وضع بداية قائمة على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي، ترتكز على حقيقة أن أمريكا والإسلام ليستا في حالة تنافس، بل إنهما تتشاركان في مبادئ تتمثل في العدالة والتقدم والتسامح والحفاظ على كرامة الإنسان. ومرت الشهور وبدا أن بعض التفاؤل الذي خلفه خطاب أوباما قد تحول تدريجيا إلى قلق، فقد طالت كثيرا فترة التوقف، ولم يسمح للأمنيات بإمكانية توقف بعض الدوائر الأمريكية والغربية عن مهاجمة المسلمين في عقيدتهم بالمرور، ولم تتحسن علاقة الولايات المتحدة بالعالم الإسلامي بالشكل الذي يناسب الطموحات، وظلت الدولة الفلسطينية التي دعا إليها اوباما في خطابه حلما بعيد المنال، حلما تم إرجاؤه الى العقد الجديد. ----------------- الطبيعة تحتج وتثور اصطدمت الطبيعة بالإنسان في العقد الأول من هذا القرن بسبب إهمال الأخير للبيئة وتصرفاته التي تعجل بفناء هذا الكوكب. وقد عصفت بالكرة الأرضية في السنوات الأخيرة موجات من الزلازل والبراكين في مناطق مختلفة من العالم، فشهد العالم موجات تسونامي في شرق أسيا واعصار كاترينا وزلزال هايتي المدمر وغيرهم واجتاحت مناطق أخرى من العالم عواصف رملية وظهرت حالات مرضية وسرطانية على الشواطئ بأرقام مخيفة. ففي السادس والعشرين من ديسمبر عام 2004 تعرض العالم لواحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية‏ وهو تسونامي اسيا، عندما وقع زلزال إندونيسيا في عمق المحيط الهندي وبلغت قوته ثماني درجات ونصف على مقياس ريختر‏، وكان من نتيجة هذا الزلزال المدمر أن ارتفعت الأمواج بشكل هائل لتغرق المئات من القرى والمدن الساحلية، وأسفر ذلك عن مقتل 300‏ ألف شخص على الأقل وتشريد الملايين فضلا عن انتشار الأوبئة والأمراض والدمار الهائل الذي لحق بالمكان. وفى الثامن والعشرين من أغسطس 2005 ضرب إعصار كاترينا الساحل الجنوبي للولايات المتحدة وصنف على الدرجة الخامسة الخطيرة، وبلغت حصيلة القتلى أكثر من 470 شخصا في ولاية لويزيانا وحدها، بالإضافة إلى قرابة 220 آخرين تم الإعلان عن مصرعهم في ولاية مسيسبي المجاورة. وقد كان التعامل الحكومي مع المأساة سيئا جدا وبطيئا باعتراف الرئيس بوش الابن نفسه، فأقر بعدم نجاح تدخل الأجهزة الفيدرالية بعد وقوع الإعصار وإعلانه تحمل المسؤولية عن تقصيرها. أما هاييتي، تلك الدولة الفقيرة، فاستيقظت صباح الثاني عشر من يناير عام 2010 على زلزال مدمر بلغت قوته سبع درجات على مقياس ريختر، وكان مركزه 17 كيلو مترًا جنوب غرب العاصمة بورتو برنس. وهذا الزلزال الذي لم يستمر طويلا خلف دمارا هائلا في كل أرجاء البلاد، وقدر الصليب الأحمر الدولي أعداد المتأثرين بالزلزال بثلاثة ملايين شخص بين قتيل وجريح ومفقود، وأعلنت الحكومة الهاييتية بعد الزلزال بنحو شهر عن دفن أكثر من ربع مليون شخص من ضحايا الزلزال في مقابر جماعية. وفى ابريل من ذات العام امتدت سحابة ضخمة من الغبار الناجم عن بركان في ايسلندا عبر اوروبا، مما أدى إلى ارتباك الرحلات الجوية على نطاق لم يحدث منذ هجمات سبتمبر الدامية، وحدث تعطل كبير في حركة الطيران في أوروبا بسبب الأخطار التي مثلها الغبار البركاني، وتأثرت الملاحة الجوية كثيرا في العديد من المطارات في أجزاء كثيرة من بريطانيا وفرنسا وألمانيا. وقال الاتحاد الدولي للنقل الجوي (أياتا) في ذلك الوقت إن التعطل الناجم عن انبعاث الغبار البركاني في ايسلندا يكلف شركات الطيران أكثر من 200 مليون دولار يوميا. وعلى الرغم من قيام العلماء بتفسير تكرار هذه الظواهر الطبيعية المخيفة وربطها بتفسيرات علمية مثل ارتفاع درجة حرارة الأرض (الاحتباس الحراري) وتآكل ثقب الأوزون والتحركات المستمرة في حركة الصفائح التكتونية، إلا أن هذه الظواهر لم تسلم من بعض التفسيرات الأخرى، فيزعم البعض أن حدوث هذه الظواهر بشكل مستمر في العقد الأول من القرن الجديد ناتج في الأصل عن تجارب نووية متواصلة تقوم بها الولايات المتحدة والدول النووية الأخرى. ففي أحد تفسيرات موجات تسونامي المدمرة على سبيل المثال قدم العالم الأمريكي “ماريلز كنسي” تقريرًا أكد فيه أن مركز الزلزال الذي يقع تحت 40 كيلو مترا من قاع المحيط لا يمكن أن يؤدي إلى هذا الدمار إلا إذا كانت حواف الصفائح الأرضية في هذه الدول قد تعرضت لتجارب نووية قريبة جدا نسبيا. ومن المعروف أن الهند قد أجرت سبع تجارب نووية خلال أشهر قليلة معدودة، في محاولة لتقوية البرنامج النووي الهندي في مواجهة البرنامج النووي الباكستاني. ----------------- إصلاحات العالم العربي في السنوات التي تلت هجمات سبتمبر، تعرض العالم العربي إلى موجات من الضغط للقيام بإصلاحات ضرورية وشاملة في مختلف المجالات، وتبنى المحافظون الجدد مبادرة الإصلاح في العالم العربي، غير ان هذه المبادرة لم تكن لتنجح إلا من داخل الوطن العربي وليس عن طريق التدخلات الأجنبية. وقد شهدت هذه البقعة الملتهبة من العالم إصلاحات متدرجة، كان أبرزها برنامج الإصلاح الذي تبناه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بعد توليه الحكم وبعد وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- في بداية أغسطس من عام 2005، وقد صارت إصلاحات خادم الحرمين الملك عبدالله نموذجًا يحتذى في العالم العربي، وكانت آليات تنفيذه مصدرا لإعجاب العالم العربي من المحيط للخليج. وبدأت في السنوات اللاحقة مرحلة جني الثمار، فانضمت المملكة لمنظمة التجارة العالمية، وتم الإعلان عن مشروعات اقتصادية ضخمة ومدن كبرى منها مدينة الملك عبدالله الاقتصادية ومدينة الأمير عبدالعزيز بن مساعد ومدينة المعرفة ومدينة جازان الاقتصادية وغيرها، وإجراء تعديل في فقرة من فقرات النظام الأساسي للحكم بإنشاء هيئة البيعة، وإصدار نظام القضاء ونظام ديوان المظالم بصيغة جديدة بدلًا من النظامين السابقين والعديد من المنجزات الأخرى المهمة. أما سياسيًا، فتولت المملكة قيادة العمل العربي في العقد الأول من القرن الجديد، وتولت دبلوماسيتها النشطة عدة ملفات شائكة منها مبادرة السلام العربية، تلك المبادرة التى أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -إبان ولايته للعهد- في عام 2002 لتحقيق السلام في الشرق الأوسط بين إسرائيل والفلسطينيين بهدف إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دوليًا على حدود 1967 وعودة اللاجئين وانسحاب من هضبة الجولان المحتلة، مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات بين الدول العربية مع إسرائيل. وقد تم الإعلان عن مبادرة السلام العربية في القمة العربية في بيروت. وقد نالت هذه المبادرة تأييدًا عربيًا واسعًا. كما تناولت المملكة العديد من الملفات العربية والإقليمية عن طريق الوساطة، وظهر ذلك في جهود المصالحة وجمع الأطراف المتنازعة في فلسطين والعراق والصومال وتشاد والسودان وغيرها. كما تعاملت المملكة أمنيًا بامتياز في العقد الأول لتطهير أراضيها من الفئة الضالة، التي أرادت العبث بمقدرات الوطن واستهدفت أبناءه وممتلكاته، كما عملت على حماية
أراضيها وتطهيرها من المتسللين في الحدود الجنوبية وأثبتت نجاحا كبيرا. ----------------- أوروبا بوجه جديد.. تعود شهد العقد الأول من القرن الجديد تغييرات مهمة في سياسات الاتحاد الأوروبي وفي تركيا، وقد أدى بروز زعماء سياسيين وصعودهم إلى سدة الحكم أمثال ساركوزي في فرنسا بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية في 11 مايو عام 2005 ثم زعيمة الاتحاد الديمقراطي المسيحي انجيلا ميركل التي أسقطت المستشار جيرهارد شرودر في 18 سبتمبر 2005 إلى إعادة النشاط الأوروبي مجددا على صعيد السياسة العالمية، كما هدأت عواصف الانتقاد في داخل الاتحاد بشأن السياسات الخارجية بعد استقالة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير من منصبه في عام 2007، وقد أوجدت هذه الاستقالة نوعًا من الارتياح للأوروبيين ولبلير نفسه، وذلك لما يواجهه من متاعب من الناخب البريطاني، وأعضاء حزب العمال نفسه بسبب اتباعه للسياسات الأمريكية، والخسائر التي تكبدها الجيش البريطاني في كل من أفغانستان والعراق، وبعد أن أصبحت بريطانيا، مهددة بهجمات إرهابية خصوصًا بعد تفجيرات مترو الأنفاق في لندن. أما في تركيا، فتمكن أردوغان رئيس حزب العدالة والتنمية في مارس عام 2003 من تولي رئاسة الحكومة، وبعد توليه رئاسة الحكومة عمل على الاستقرار والأمن السياسي والاقتصادي والاجتماعي في تركيا، وتصالح مع الأرمن بعد عداء تاريخي، وكذلك فعل مع يونان، وفتح جسورا بينه وبين أذربيجان وبقية جمهوريات السوفيتية السابقة، وأرسى تعاونا مع العراق وسوريا وفتح الحدود مع عدة الدول العربية وفتح أبوابا اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا مع العالم الخارجي وخصوصا أوروبا، وأصبحت مدينة إسطنبول العاصمة الثقافية الأوروبية عام 2010. وقد ازدادت شعبية أردوغان وخاصة في المنطقة العربية بسبب مواقفه القوية ضد السياسات الإسرائيلية المتعجرفة وخطابه التصادمي مع قيادات إسرائيل في أكثر من مناسبة. ----------------- إيران.. المنطقة المشتعلة دائما ترقب العالم العلاقات الإيرانية الغربية مع انتخاب الرئيس الإيراني في الثالث من شهر أغسطس 2005 بعد تغلبه على منافسه هاشمي رفسنجاني في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، وكانت الأربع السنوات الأولى من حكم نجاد عبارة عن موجات من التصادم مع الولايات المتحدة والغرب في الشأن النووي، ولكن لم يكن الحوار مع إيران في خارج دائرة اهتمام الإدارة الأمريكية الجديدة، فعمل أوباما على التهدئة بين البلدين بعدما اشتعلت حرب التصريحات بين الرئيس الإيراني أحمدي نجاد والرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، وفي العشرين من مارس عام 2009 توجه أوباما مباشرة إلى القادة الإيرانيين عارضا عليهم تخطي ثلاثين عاما من النزاعات، وقد كان الرد الإيراني هو الترحيب الحذر، وقالت طهران إن التطبيقات العملية للسياسات الأمريكية تجاه إيران على أرض الواقع هي ما ستعزز حوار التهدئة والحوار وليس التصريحات والوعود الكلامية. ومع مرور الوقت لم يظهر أي جديد سواء في العلاقات الأمريكية الإيرانية أو الشأن النووي الإيراني، واتضح أن خطابات الود التي أرسلها كل جانب للآخر قد توقفت، ولم يسمح للدبلوماسية والحوار الهادئ بالتوسع، لتتوقف محاولات التقارب خاصة بعدما أعيد انتخاب الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد في الانتخابات في الثاني عشر من يونيو عام 2009، حيث تصاعدت لهجات التهديد مرة أخرى، ويعتقد المراقبون أن نجاد اتخذ من موقفه الرافض للتقارب مع الولايات المتحدة كداعم له في موقفه بالانتخابات. وفي الحقيقة، وبرغم نجاح نجاد، لم يرض ذلك الموقف الكثيرين في داخل إيران، فندد الإصلاحيون بسياسات نجاد واعترضوا عليها، فضلا على اعتراضهم وتنديدهم بما سموه عمليات تزوير واسعة تمت لصالح نجاد، وقد أدى ذلك كله إلى قيام تظاهرات قمعتها السلطات بقسوة لتغرق البلاد في أخطر أزمة سياسية منذ ثلاثة عقود. ولم تلبث أن تجددت الاشتباكات في نهاية هذا العام، فشهدت طهران حمام دم بعد سقوط مواطنين محتجين برصاص مليشيات الحرس الثوري التي كانت تتوعد الإصلاحيين بالعقاب القاسي، وشنت المليشيات حملة اعتقالات جديدة ضد المعارضين ومساعدي رموز المعارضة، من بينهم وزير الخارجية الأسبق إبراهيم يزدي زعيم حركة تحرير إيران. ويرى بعض المراقبين أن الوضع الداخلي المتأزم في إيران قد أفرز بعض الارتباك للإيرانيين في إدارة الملف النووي، وفي كل الأحوال تواصل إحباط الولايات المتحدة والمجتمع الدولي جراء استمرار طهران في مراوغاتها النووية، ولم يطل صبر المجتمع الدولي كثيرا، ففي الثامن والعشرين من نوفمبر أدانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية سياسة إيران النووية بعد أسابيع من المماطلة في الرد على عرض الوكالة بتخصيب اليورانيوم الإيراني الضعيف في الخارج. ولم يعجب ذلك طهران بالطبع، فأعلنت في اليوم التالي تصعيدا جديدا للموقف، وقالت إنها ستستمر بنفسها في إنتاج اليورانيوم المخصب الذي يحتاجه برنامجها النووي. ----------------- أمراض أفزعت العالم العقد الأول من القرن العشرين لم يخل أيضا من كوارث صحية، فانتشرت أنواع جديدة من الأمراض المعدية الخطيرة والقاتلة، مما أثار تساؤلات حول الانجازات الفعلية التي توصل إليها الطب الحديث وإمكانية تعامله مع الأمراض الجديدة. فمن دول شرق آسيا انطلقت أنفلونزا الطيور إلى العالم كله، ومنذ ثبوت أول إصابة بشرية عام 2003‏ في هونج كونج والعالم يعيش حالة من الرعب نتيجة الهجرة الشتوية لكل أنواع الطيور التي باتت تشكل خطرا كبيرا، وأسقطت الكثير من الضحايا في دول العالم ومنهم في منطقتنا العربية. وامتد هذا الهلع باكتشاف الفيروس الجديد القادم من المكسيك ابتداء من عام 2008 الذي سمى في البداية أنفلونزا الخنازير ثم “اتش وان ان وان”، وقد زاد من خوف شعوب العالم التحذيرات المتتالية لمنظمة الصحة العالمية من إمكانية تحول المرض إلى وباء يجتاح العالم ويفتك بالملايين وخاصة بعد وفاة المئات في بعض البلدان في الأيام الأولى لظهور الفيروس، وقد ظهرت نظريات وتساؤلات جدية حول مصدر هذا الفيروس. هل هي بالفعل عدوى انتقلت بشكل طبيعي أم انه فيروس تم تصنيعه مخبريًا ونشره عمدًا؟ ودارت أقاويل حول المستفيد الحقيقي من نشر وباء حول العالم، وزعم البعض بأن شركات تصنيع الأدوية قد تورطت في هذا الموضوع بشكل خطير. وقد بنيت الاستنتاجات هذه على أساس صعوبة تجمع أربعة أنواع من فيروسات من مختلف أنحاء العالم في منطقة واحدة وفي حيوان واحد، وهى أنفلونزا الإنسان العادية، أنفلونزا الطيور من شمال أمريكا وأنفلونزا الخنازير من أوروبا، وأنفلونزا الخنازير من آسيا. وانطلاقًا من هذه التركيبة الجينية السريعة الانتشار، أثيرت التساؤلات حول كون هذا الفيروس مصنعًا مخبريًا وليس نتيجة عدوى طبيعية. وبنى البعض آراءه على افتراضات منها قيام الحكومات بنشر المرض في إطار تصحيح الفوضى السكانية العالمية أو قيام شركات الأدوية بتصنيع الفيروس لإنعاش أوضاعها في ظل انهيار الاقتصاد العالمي وتدنى الأرباح إضافة إلى الخسائر المهولة التي لحقت بهذه الشركات. ----------------- الاقتصاد.. ولماذا لا يضرب؟ تزامنا مع حالة الفوضى السياسية والتخبط والكوارث الطبيعية والصحية التي حلت بالإنسان في العقد الأول من القرن الجديد، كان الاقتصاد العالمي هو الآخر يضرب وبقوة ونتج عن الأزمة المالية العالمية في عام 2008، وسقطت الأسواق العالمية في حالة من الركود ماثلت فترة الكساد العظيم الذي حدث في فترة الثلاثينات من القرن الماضي، وكشف تفجر أزمة البنوك الناجمة عن القروض العقارية الأمريكية عن نقاط الضعف التي يعانيها الاقتصاد الأمريكي والأوروبي ومهد لبروز الصين كقوة اقتصادية كبرى. وفى بداية عام 2009 احتاجت الأسواق بعض الوقت لدراسة آثار الأزمة، ثم تحركت في الثاني من شهر ابريل من ذات العام لتتخذ مجموعة العشرين مجموعة إجراءات لاستعادة النمو تتيح ضخ 5000 مليار دولار في عجلة الاقتصاد العالمي قبل نهاية 2010. وتعهدت المجموعة الدولية بإعادة الثقة في النظام المالي من خلال وضع قواعد لضبطه بشكل أفضل وتعطي موارد جديدة لصندوق النقد الدولي. ولكن على الرغم من هذه الجهود، ورغم التدابير التي اتخذتها حكومة باراك أوباما بحزمة الحوافز الاقتصادية بلغت 787 مليار دولار، تواصل الهلع الاقتصادي لفترة من الوقت كانت كفيلة بان تتسبب في إفلاس شركات كبرى لعل من أهمها شركة جنرال موتورز الأمريكية التي حملت لمدة 77 عاما على التوالي من 1931 إلى 2007 لقب أول منتج عالمي للسيارات، من حيث حجم المبيعات قبل أن تتفوق عليها العام الماضي اليابانية تويوتا. وسرعان ما عاودت مجموعة العشرين جهودها، ففي الرابع والعشرين من شهر سبتمبر من نفس العام اجتمعت المجموعة في مدينة بيتسبرج بالولايات المتحدة، وقررت تعزيز دور صندوق النقد الدولي مع إعطاء ثقل أكبر للدول الناشئة، مع تعهد بإقامة نموذج للنمو العالمي أكثر توازنا. واتفق قادة المجموعة على الحد من المكافآت التي تدفع لمديري البنوك والمؤسسات المالية وعلى معاقبة الجنات الضريبية كإجراءات لاحتواء الأزمة المالية العالمية. وبالفعل تم احتواء الأزمة العالمية إلى حد كبير مع نهاية العام، ولكن ذلك لم يمنع من ظهور بعض المشكلات التي أثارت قلق الأسواق المالية حول العالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.