في الوقت الذي يتزايد فيه عدد دول أمريكا اللاتينية التي تعترف بالدولة الفلسطينية على حدود 4 يونيو 1967، وتتأهب دول أخرى لرفع التمثيل الدبلوماسي الفلسطيني لديها كخطوة على طريق الاعتراف بتلك الدولة بعد رفض إسرائيل تجميد البناء الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس العربية، نرى وزير الخارجية الإسرائيلي يصرح بالقول إن السلطة الفلسطينية كيان غير شرعي، رغم معرفته جيدًا أن قادة إسرائيل جميعهم منذ قيامها – وليس هو وحده- ، هم آخر من يحق لهم الحديث عن الشرعية، لسبب واحد بسيط ، هو أن إسرائيل والشرعية نقيضان لا يلتقيان . فإسرائيل قامت عام 1948 على أساس وعد غير شرعي (وعد بلفور) وقرار مزيف (قرار تقسيم فلسطين ) تم فيه شراء الأصوات المرجحة لصدوره بالأموال الصهيونية. توجه المجتمع الدولي نحو الاعتراف بدولة فلسطين لم يأت مجاملة للفلسطينيين ، وإنما بعد تمادي إسرائيل في خروقاتها وانتهاكاتها للشرعية الدولية وقوانينها وقراراتها ، وأولها استمرار الاحتلال والحصار والتنكيل بالفلسطينيين، إلى جانب أن هذا التوجه يأتي بعد أن قطعت حكومة السلطة الفلسطينية شوطًا طويلاً على طريق بناء مؤسسات الدولة ضمن خطة عمل واضحة ومحددة ببرنامج زمني يتم التقيد به بدقة ، وهو ما دفع فرنسا إلى اتخاذ الخطوة الأولى من بين دول الاتحاد على طريق رفع مستوى تمثيل السلطة لديها من خلال تقديم سفير السلطة الفلسطينية أوراق اعتماده لدى الرئيس الفرنسي مباشرة. لم يعد خافيًا أن نتنياهو وليبرمان يلعبان نفس اللعبة التي لم تعد تنطلي على أحد ، فبالرغم من رفض نتنياهو لتصريحات وزير خارجيته بقوله انها تعكس آراءه الشخصية ليوحي بأن سياسته تختلف عن سياسة ليبرمان ، رغم أن الأخير كان يتحدث من منبر وزارة الخارجية الإسرائيلية مخاطبًا سفراء إسرائيل لدى دول العالم، إلا أن تصريحاته بعد ذلك حول الحلول المؤقتة تقدم الدليل الدامغ على أن تلك التصريحات لا تختلف بأي حال عن تصريحات ليبرمان ، وأنها مكملة لها ، وهو ما يعني محاولة إسرائيلية جديدة للعب على حبل الشرعية الدولية وممارسة المزيد من خداع المجتمع الدولي الذي بدأ يرى إسرائيل على حقيقتها.