دائماً أحب (أتحركش) بالشيخ مازن محمد بترجي، وهو الشخصية الجداوية الكريمة، صاحب الأخلاق الرفيعة، ودائماً أطالبه بأن يكون المظلة الداعمة لصغار التجار، وهو أهل لها، ولكنه يغيظني حين يرد مبتسماً وبلهجة حضرمية: (إن كنت خائف علي الجماعة قع ذرة وكل سكر)، فأرد عليه منفعلاً أن «الحضارم» هم تجار جدة القدماء، وأحد أهم أعيان سور جدة قبل 120 عاماً، هذا الحديث الأخوي يجعلني أعيد الشكر لنائب رئيس غرفة جدة على سعة صدره وروحه العطرة في النقاش الإيجابي. الجزء الثاني من مقالي ليس فيه أجندة أو همز ولمز، بقدر وضع النقاط على الحروف، وسرد وقائع تاريخية تجعلنا نحمد الله عز وجل على نعمة الهوية الوطنية السعودية، والراية الخضراء التي نتظلل تحت ظلالها جميعاً بأمن وأمان، ومثل نقاشي مع أخونا الكبير مازن، أتشرف بالحوار مع أخي الدكتور محمود بترجي حول مقاله: «جدة بلاد الوايت وايت»، التي نشرها بجريدة البلاد يوم الاثنين الماضي، ولعلمي أن الزميل صاحب رأي وكاتب متزن ويقبل الرأي الآخر، أقول له: إنني أستطيع إسقاط كروكي مقالك على طبيعة جدة السور في عام 1926م، وليس على جدةالجديدة في عام 2011م، واستند في إسقاطي على وثائق جريدة أم القرى في عددها (55) حين أوضحت أن تعداد جدة كان 18 ألف نسمة، وفي الأعداد من 56 إلى 61 الوثائق تثبت أن ميناء جدة وتجارتها كانت أضعف من ميناء القنفذة وميناء جازان ومن تجارها. لذلك أقول إن جدة لم تكن غير يا دكتور محمود في ذلك الوقت، بل كانت مدينة صغيرة تجلب الماء من أشياب القرى المجاورة، وليس لها دور استراتيجي أو تجاري في طول الساحل الغربي من عام 1500م وحتى عام 1930م، وأكثر مَن وَصَف واقع «أهل السور» هي الوثائق العثمانية والبرتغالية، والهولندية والبريطانية، وهي منشورة في مواقع الإنترنت عموماً، حتى حكام تلك الفترة كانوا يعتمدون في التجارة على تجار مكةالمكرمة، وتجار المدينةالمنورة وتجار القنفذة، وليس على تجار جدة إطلاقاً. وإذا نظرنا في وثائق عام 1926 والبيان الذي رفعه أعيان ووجهاء جدة للملك عبدالعزيز آل سعود - يرحمه الله - بتوقيع كل من: (عبدالله رضا، محمد صالح نصيف، قاسم زينل، محمد حسن قابل، عبدالسلام رضوان، عمر محمد نصيف، أبوبكر باخميس، أحمد بادكوك، محمد الماس، محمد صالح جمجوم، محمد باعشن، علي سلامة، محمد الهزازي، عبدالله التركي، عبدالرحمن شيخ، أحمد حماد، سعيد باخشوين)، كان محصوراً في مشكلة المياه، وتحسين وضع الميناء والأمن والأمان للمدينة الصغيرة. حتى في موضوع الانتخابات التي أقرها الملك عبدالعزيز آل سعود - يرحمه الله - ما بين أعيان جدة وأعيان مكة، والتي حضرها 51 شخصية، فاز بأعلى الأصوات أعيان مكة ومن جدة عائلة نصيف فقط، وهم: (السيد علي كتبي، السيد صالح شطا، محمد نصيف، السيد محمد المرزوقي، محمد سعيد أبوالخير، الشريف عدنان، محمد شلهوب، حسين باسلامة)، ولكن بعد أن رُفع الأمر للملك عبدالعزيز آل سعود، أمر أن يضاف إليهم بالتعيين من أعيان جدة (سليمان قابل، ماجد كردي، عبدالله زينل). انتهيت من السرد التاريخي، وأعود إلى الواقع الحالي، وأشير إلى كلمة الدكتور عبدالله صادق دحلان في احتفال أمين عام غرفة جدة الخميس الماضي، والذي شكر فيها أهل سور جدة، التي استقبل أهلها كل من هاجر إليها من الداخل والخارج بكل الحب والاندماج، وهو ما علق عليها الزميل عبدالعزيز بن حمد المسلم في صفحتي في الفيس بوك بأن محافظة جدة اليوم أصبحت مميزة، وتستحق بأن تكون ملتقى للحضارات الإنسانية، بعد التوسع الكبير في المشاريع، وفي المساحة الجغرافية لحدودها، حتى تقاربنا من رابغ من جهة الشمال، ومن بحرة من جهة الجنوب الشرقي، ووصل تعداد سكان جدة ثلاثة ملايين ونصف، نصفهم سعوديون والآخر إخوتنا المقيمون. لذلك أقول لأخي الغالي الدكتور محمود بترجي: إن جدة أخذت حقها كثيراً في العهد السعودي، بعد أن كانت المكانة التجارية فقط لمكة والقنفذة وجازان في عهد العثمانيين والأشراف، وجدة اليوم توسعت اقتصادياً وصناعياً وجغرافيا وسكانياً على حساب التجارة في مكةالمكرمة، وعلى حساب ميناء جازان والقنفذة وهم أهل التجارة تاريخياً. ختاماً، المعوقات التي ذكرتها في المقال تم تصحيح وضعها، والآخر تحت التنفيذ، والأهم أن هناك توسعا شاملا في المطار والميناء والمنطقة الصناعية، وللعلم فإن المالكين لمشاريع جدة التجارية والصناعية والفندقية والمنشآت السياحية هم تجار مكةوالمدينة والرياض وينبع، وليس مفاجأة أن ذكرت تجار الباحة العصاميين، وهذا ميزة نسبية تحسب لجدةالجديدة، وليس لأهل سور جدة، ونحن اليوم -وليس الأمس- مطالبون جميعاً بتنفيذ إستراتيجية الأمير خالد الفيصل، وخاصة في تطوير المناطق العشوائية، وتطوير الأراضي البيضاء في جنوبجدة، وفي وسط البلد، وأخص جماعتي الحضارم أهل السور، بأن عليكم دورا مهما في المرحلة المقبلة للاستثمار العقاري التنموي في محافظة جدة. www.abm.com.sa