قال الضَمِير المُتَكَلّم : لا حديث في مجتمعنا وفي مختلف أوساطه ومنتدياته إلا عن المطالبة بحقوق المرأة ؛ ومع دعائنا أن تحقق المرأة وأنصارها النجاح ، وأن تنال حواء حقوقها المشروعة ؛ يبقى السؤال ماذا عن حقوق الرجل المسكين ؛ فالرجال عندنا عموماً يعيشون حياة من الاضطهاد والعبودية ، دون أن يطالب أحد برد اعتبارهم ، ومنحهم حقوقهم المسلوبة ؛ والمصيبة أن ذلكم الاضطهاد يبدأ منذ الصغر ، وتتواصل محطاته حتى أرذل العمر ؛ وإليكم فقط العناوين ، وما خَفي أعظم : * يولد الطفل ؛ فيكون قَدره أن يكون ذكراً في عائلة سعودية ، ثلاث أو أربع سنوات ، ويبدأ رحلة ليل المعاناة والاضطهاد ، فهو حمّال الأَسِيّة ، وتحت الأوامر ( افتح الباب ، أغلق الباب ، استقبل الضيوف ، صُبّ القهوة ، روح المركز التجاري ) ؛ تُسْلَب طفولته والحجة ( أنت رَجّال ) ؛ بينما أخته تلعب في الداخل مع عرائسها بصحبة الحلوتين ( سَالِي وبَارْبِي )!! * يكبر الذّكَر الغلبان قليلاً ، ليصبح شاباً يقود السيارة ؛ وهنا يتحول إلى سائق خاص لأمه وأخواته ، ومن أهم واجباته مطاردة حاجيات المنزل من سوق إلى آخر ؛ وحتى لو أراد رحلة أو سهرة ترفيهية مع أصحابه ؛ فالأبواب كلها مغلقة ، وعليها لوحة كبيرة ( للعائلات فقط ) !! * أصبح الطفل شاباً وتطلع للزواج ؛ وهنا المحطة الكبرى من الذّل والاضطهاد والتفاصيل : ( كثير من العائلات تُحَرِّم عليه أن يرى ( المخْطُوبَة ) فهو يختار بعيني أمه وأخواته ، بينما الفتاة من حقها رؤيته وتأمل ملامحه من خلف النافذة عندما يسير به أخوها قَصْداً داخل فناء المنزل « أو من فوق السطح أو الصورة !! * تمت خطبة الشاب لذلك الكائن مجهول الملامح ، وهنا المحطة الأصعب ؛ فبينما في ( الهِنْد ) أُسْرَة الفتاة هي من تتحمل تكاليف الزواج ، وفي ( مِصْر ) تُشَارِك فيها ؛ الرّجل عندنا ( الزوج التعيس ) هو مَن يتحمل كلّ شيء وعليه أن يقترض من البنك ، ويستدين من الهوامير ؛ لِيتَحَمّل وحده المصاريف ( مَهْر بعشرات الألوف ، شقة مؤثثة ، احتياجات زوجة المستقبل ،هدايا لأسرتها وأقاربها تكاليف الفرح ، تكلفة شَهْر البصَل ) !! * ينتهي الفرح ، ويكتشف الشَاب المسكين ؛ أنه تزوج جسداً بلا ملامح أنثوية ؛ فكأنه تزوج أحد أصحابه ولكن دون شَنَبَات !! ( يُصْدَم ، يَلْطِم ) يُفكر بالخلاص من أول ليلة ؛ ولكنه يتذكر القروض والديون التي تورط فيها بقية عمره ؛ فيُقَرر الصّبر على بلواه طمعاً في الأجر والحُوْرِ العين في أخْرَاه !! * لا تنتهي المعاناة ؛ فعليه أن يظلَ سائقاً لتلك ( الشِّيفَة ) المسماة ( زوجة ) ، وكلما لمح هنا أو هناك صورتي ( حليمة بولند ، وهيفاء وهبي ) كرّر لَطم الخُدود ، ويستمر يُعاني وينفذ الأوامر حتى يموت كَمَداً ! ( بعد تلك المحطات ألا يحتاج الرجل جمعية لحقوقه ) !! ألقاكم بخير والضمائر متكلمة .