لم تكد الدكتورة فاتن بنت حسين حلواني تكمل مداخلتها في الحوار الثالث من حوارات المؤتمر العالمي الأول عن جهود المملكة العربية السعودية في خدمة القضايا الإسلامية حتى خنقتها العبرة، وبدا صوت البكاء واضحاً في حديثها وهي تذكّر الحضور بآخر كلمات الملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز يرحمه الله وأمنيته بأن يمنّ الله عليه بالصلاة في المسجد الأقصى أو شهادة في سبيله، وهي الكلمات التي قالت إن الفيصل لم يعش بعدها سوى ساعات. وتركت مداخلة الدكتورة فاتن أثرها على الحضور الذين سالت دموعهم تأثُّراً بكلام الفيصل وحديثها عن موقفه من المسجد الأقصى الذي كان يؤرّقه، ولهجت ألسنتهم بالدعاء له بالرحمة والغفران. وكانت حلواني تتحدث في الحوار الذي شهد حضور أعداد غفيرة في القاعتين الرجالية والنسائية، وناقش جهود المملكة في خدمة القضية الفلسطينية وجهودها في الحفاظ على وحدة الأمة ومنع محاولات التقسيم، وشارك فيه الدكتور بندر حجار نائب رئيس مجلس الشورى، والدكتور فهد السماري أمين عام دارة الملك عبدالعزيز مساء الاثنين بالجامعة الإسلامية.وساد مداخلات الحوار جوٌّ من الأشجان والأحزان، إذ تذكّر الحضور المسجد الأقصى الأسير، وكان عزاءهم الوحيد وجودُ قادة كبار لا ينامون سهراً على خدمة قضيته ودفاعاً عن حق الأمة في استعادة مقدساتها، خصوصاً بعد استعراض جوانب من جهود المملكة في خدمة قضية فلسطين والمسجد الأقصى في فيلم وثائقي من إنتاج الجامعة، وإسهاب ضيفي الحوار في إثراء موضوعه. ملوك المملكة وحل الازمات وأوضح الدكتور بندر حجار أن ملوك المملكة انطلقوا منذ تأسيسها لشريعة إسلامية ومنهج حياة واتخذوا القيم الإسلامية والتي عبر عنها القرآن، مشيراً إلى أن هذا التوجه الرباني انطلق منه ملوك المملكة للمحافظة على وحدة الأمة الإسلامية.وأشار حجار إلى أن المملكة بادرت بتوسط لحل الكثير من الأزمات والمشاكل حيث قربت وجهات النظر بين الأطراف اللبنانية المتحاربة وتم دعوة اللبنانيين إلى الطائف في اتفاق أنهى الحرب الأهلية هناك، كما ساهمت المملكة في حل مشاكل الصوماليين من خلال دعوة جميع الأطراف في مؤتمر مكة حيث وصل خلاله المجتمعون إلى التوافق في النزاع وكان اعتراف المملكة بأفغانستان كأول دولة تعرف بحكومة المسلمين في أفغانستان دور كبير في انضمامها لمنظمة المؤتمر الإسلامي. دعم لايتلون وأكد الأمين العام لدارة الملك عبدالعزيز الدكتور فهد بن عبدالله السماري أن مواقف المملكة العربية السعودية في دعم القضية الفلسطينية لا تنقطع ولا تتلون ودون وعود براقة وترتكز على أسس صحيحة . وأشار السماري إلى دور الملك عبدالعزيز في نصرة القضية الإسلامية إلى موقفه رحمه الله عندما وجد أن المحيط الدولي لايسانده ليتجه لرئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية والتي بدأت تقوى في ذلك الوقت ويراسله رسالة قال عنها المؤرخون: إنها رسالة استثنائية ومطالبتهم في مؤتمر لندن بوجود وفود من فلسطين, يأتي بعده ابنه الملك سعود والذي تواصلت أدواره السياسية ليبادر أيام الحرب الثلاثي باستخدام البترول كسلاح, وأشار السماري إلى ما قدمه الملك فيصل عندما طالب بموقف موحد بين جميع المسلمين وقام بقطع النفط عام 1973م لتعلن هذه الدولة استخدامها جميع الوسائل لدعم هذه القضية. وِأوضح السماري أن المملكة دعمت جميع المنظمات الفلسطينية حيث أعلن الملك فهد عن منهج سياسي في مبادرة فاس وتلقت هذه المبادرة سيلا من الانتقادات في تلك الأيام، ثم بدأت حملة كبيرة شعبية شارك فيها كل مواطن إلى أن تجمعت الأموال وذهبت للفلسطينيين.وأضاف: لم ينقطع هذا الدعم عند ما جاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي أعلن أن السلام هو الخيار، وقدم مبادرة جديدة ملأت فراغاً لدى الفلسطينيين الذين كادوا يشكون في أن قضيتهم لا تزال باقية، فأراد الملك عبد الله أن يضخ فيها شريان الحياة بالدعم ويعلن أن حل القضية بيد المسلمين.وإضافة إلى الحضور الكثيف الذي شهده الحوار وتشهده كافة جلسات المؤتمر، فقد حظي الحوار بمداخلات حادة ونقاشات تلقاها الجمهور بالتفاعل والترحيب. فقد أكد أستاذ الفكر الإسلامي المشارك في جامعة إب باليمن الدكتور فؤاد عبده البعداني خلال مداخلته أن جهود المملكة ليست جهودا مادية وحسية فقط بل إنها كانت جهودا متميزة في المحافظة على الهوية الإسلامية مشيرا إلى أنه لم يشعر بالهوية الإسلامية إلا في هذه البلاد, فرغم أن كثيرا من الأقطار الإسلامية تحاول أن تتنصل عن الإسلام يفتخر أبناء هذا البلد على انتمائهم إلى الإسلام شعبا وقيادة.واقترح رئيس هيئة التعاون البرلماني لمجلس النواب الاندونيسي الدكتور محمد هداية نور وحيد وجود بحث عن دور مجلس الشورى السعودي في المحافظة على وحدة الأمة الإسلامية، فيما طالبت الدكتورة لطيفة العدواني من جامعة الطائف الوزارات بالتعاون مع دارة الملك عبد العزيز لتزويدهم بالوثائق عن جهود المملكة في خدمة القضية الفلسطينية. الملك عبد العزيز حكيم العرب وأوضح الدكتور مصطفى عرجاوي من جامعة عين شمس خلال مداخلته أن عدم الاستماع لحكيم العرب الملك عبد العزيز أوقع العرب في فخ لمؤامرة دفع ثمنها جيوشا ضعيفة ,مشيرا أن المملكة العربية السعودية ليس فيها خادم الحرمين فقط بل فيها خادم للإسلام والمسلمين.من جانبه دعا الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي خلال مداخلته الدول العربية أن تبذل جهودا سياسية لإنهاء الحصار عن قطاع غزة مطالبا بخروج توصية من هذا المؤتمر تدعم هذا الموقف.