بإمكان أي إنسان -مهما كانت ثقافته- تدارك أخطائه ومعالجتها، وفي هذا خير له من أن يستهين بها لتتفاقم وتتحول إلى كارثة، أمّا نحن فلا أعلم لم نحرص على التفكير بالمقلوب والمضي عكس السير، ولم نصر على أن نبدأ من حيث ما بدأ به الآخرون، لا من حيث ما انتهوا إليه؟ هل أصبح من الصعب علينا مواجهة المخطئ ومحاسبته؟ أم أننا ألفنا ذاك الجدار الضبابي الذي يحجب عنا رؤية الأمور على حقيقتها. ما أن تمر فوق رؤوسنا غيمة، أو تهب علينا نسمة باردة تظهر على السطح أفواه لها أصوات مبهمة، فتخترق آذاننا لتستقر أيضًا في آذاننا ولا تتجاوزها.. الرياح.. الأمطار.. والسيول، الخطر الذي يهدد جدة دومًا وأبدًا، هذه الدوامة التي نلف وندور داخل بؤرتها، سنة تلو أخرى؛ لتُحول المطر من سقيا رحمة إلى نقمة، حتى بتنا نكره المطر، ونخشى نسمات الهواء، وكأن جدة من كوكب غير!. مضت سنة وشهر تقريبًا على كارثة سيول جدة، والحال على ما هو عليه، وحل علينا طقس آخر والحال على ما هو عليه! فانحصر بين صرف الطلبة من مدارسهم، أو إخلاء سكان المناطق التي قد تتضرر جراء انهمار الأمطار المتواصل، دون أن يكون هناك أية بادرة لأي مشروع يقلل من الأضرار، عدا بعض مشاريع (محلك سر) المتناثرة هنا وهناك! والتي لم يتحرك بها ساكن منذ ثلاثة أعوام، وأقصد هنا مشاريع الصرف الصحي خاصة المشروع المقام على طريق الأمير سلطان شمالاً. إن كان المسؤولون عن مشاريع تصريف مياه السيول يسعون فعلاً إلى التصحيح، والتعديل، وتلافي الأخطاء السابقة، فلِمَ كل هذا التباطؤ في إنهاء المشاريع المكلفين بإنجازها؟. أم أنهم ينتظرون حتى تحدث كارثة مماثلة لا قدر الله، لتحبك المبررات تلو المبررات، وتطفو على السطح مرة أخرى نفس الوجوه لتتحدث بنفس الأصوات المبهمة. مرصد.. الأمطار في جدة ليست كارثة، لو أن البداية كانت صحيحة. [email protected]