كل عام وأنتم بخير بمناسبة حلول السنة الهجرية، جعلها الله عليكم سنة خير، ترفلون في أيامها ولياليها بثياب الصحة، وأن تعود فيه للإنسان حقوقه ويعلو مؤشر ثمنه، لاسيما بعد أن تجاوزه الحيوان قيمة وإيثارًا، حيث أصبح الحيوان يباع بالملايين، وتسجل له (التركة) أيضًا بالملايين، وأن يعطينا الحظ لأن ننتمي إلى سلالة كالسلالة العريقة التي ينتمي لها ذاك الجمل المدعو (مشعوفان) والذي يعد الأغلى على مستوى منطقة الخليج البالغ سعره 17 مليون ريال. أو حتى من سلالة ذاك الجمل الذي بِيع بثلاثة ملايين ريال، والذي ورد خبره في هذه الصحيفة الأربعاء الماضي. وقد سخرت من أولئك الذين كتبوا عن (بقايا الحجاج) و(طرش البحر) و(صفر سبعة) ذلك لأن جملة خطيب الجمعة: (كونوا عباد الله إخوانا) لازالت تسكنني مذ كنت صغيرًا أرافق والدي لأداء صلاة الجمعة. ولنا الحق أن نسخر بعد أن أصبح سعر الرأس من (طرش الجبل أو الأرض) - سموا ما تشاءون - يساوي دية 170 إنسانًا بالغًا عاقلاً متعلمًا متأهلاً من طرش كل اليابسة..! فهل بعد هذا أصبح لنا وجه نفخر فيه بالقبيلة أو العائلة؟! كانت والدتي رحمها الله كلما رأتني أصلح من هندامي أمام المرآة تقول لي: ( زين الرجل في ذراعه) أي في تكسُبه، وحينما كبرت وجدت أن هناك من يسابقنا على هذا (الزين) من سلالات أخرى، فمزايين الإبل، ومزايين الخيل، ومزايين (المعيز) تغلبوا في قيمتهم السعرية على مزايين (الذراع)، وأصبح الحفاظ على حياة الحيوان أهم من الحفاظ على حياة الإنسان، وللدلالة، اسألوا أي سائق عاقل، إذا ما قدَر الله عليه بارتكاب حادث دهس، هل يُفضل أن يدهس الجمل (مشعوفان) أو يدهس إنسانًا عاديًا؟! من المؤكد أن يختار دهس الإنسان، لأن ديته الشرعية (100) ألف ريال، لكن (مشعوفان) ديته 17 مليون ريال حسب مؤشرات البورصة. كل الأشياء في عالمنا هذا قابلة للزيادة في الثمن، إلا الإنسان، فثمن حياته مربوط (بدية تم تحديدها)، لا تقبل الفصال، كما لا تقبل الاستشارة، ولذلك فإن قاضي محكمة الخبر حينما ألزم إحدى شركات الزيت بتعويض مالك الناقة التي غرقت في مستنقع زيت بدفع مبلغ مليون ريال، استشار قبلها خبراء مزايين الإبل لتقدير قيمتها! فهل يُستشار في دية إنسان؟! إنني أهيب بأصدقائي الدكتور عبدالرحمن العرابي والأستاذ محمد دياب والأستاذ يحيى باجنيد للاستفادة من الفرصة التي عرضتها عليهم للاستثمار في الإبل في أراضينا الشاسعة والواسعة في محافظة بدر، حيث المناخ القاري والجبال العالية والوهاد الساحرة التي تناسب (الإبل) وتشجعها على تزاوج يثمر عن (مزايين) يضعوننا في مصاف (أوناسيس) و (روبرت مردوخ).. رغم قناعتي بأن ما نملكه معًا لا يساوي ثمن سنام (مشعوفان)!