الحديث عن فئة ذوي الاحتياجات الخاصة يتطلب شيئًا من الحذر، وقدرًا كبيرًا من التركيز؛ لسبب واحد وهو أن هناك قافلة طويلة ممّن يعتبرهم معظم الناس من هذه الفئة، مع أنهم قد يكونون في قمة النبوغ والتفوق، والنجاح وحصد الجوائز، وجزء كبير منهم قدّم للإنسانية ما لم يقدمه معظم مَن نعتبرهم من الأسوياء، وهم في مواقع تمكنهم من أن يكونوا كذلك. إلاّ أن الوجه الآخر وتلك الصورة للعديد ممّن ينظر إليهم المجتمع بأنهم أسوياء، هم في الحقيقة أكثر خطرًا، وعبء ثقيل على المجتمع. إنني من خلال هذه الرسالة في هذا اليوم الخاص بهذه الفئة أقول لجميع المهتمين: إن الاهتمام بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في كافة المجتمعات دليل على مدى تقدم ورقي المجتمع، ولعل المملكة من أكثر الدول اهتمامًا بهذه الفئة، ولكن نحن لم نهتم وأهملنا حقوقهم. وفي هذا العصر لم يكن الحديث عن الفئات الخاصة وقدراتهم الخارقة مجرد قراءات نظرية، فقد خرجت من التنظير إلى التطبيق العملي، حيث برزت عدة شواهد قرأنا عن بعضها، وسمعنا عن البعض، ورأينا البعض الآخر رأي العين. فلقد كانت -هيلين كيلر- المعجزة التي استطاعت رغم كل ظروفها أن تصل إلى قمة المعرفة لتحصل على جائزة نوبل، وشاهدنا الدكتور طه حسين وهو يطلب العلم في الأزهر، وفي باريس، ثم يتسنم كرسي أكبر وزارة في مصر «وزارة التربية والتعليم»، والمجتمع السعودي يوجد به الكثير من النماذج التي أصبح لها شأن في قضايا الإعاقة. وفي كل المناسبات نأمل أن تحظى هذه الفئة ببرامج تحقق لهم جزءً -ولو يسيرًا- من حقوقهم المشروعة، ونحن نطالب في هذا اليوم الذي يحتفل فيه العالم بهذه القدرات بمشاركتهم في جميع المناسبات، أسوة بجميع فئات المجتمع، ونقصد من ذلك تحقيق عملية الدمج، لأننا نعرف أن وزارة المعارف لديها برنامج متكامل في عملية دمج ذوي الاحتياجات الخاصة مع الأسوياء، وهذه المشاركات تمنحهم الثقة في أنفسهم، وتهيئ لهم الفرصة لإثبات الذات والخروج إلى المجتمع. إنني أذكر مثالاً بسيطًا أو لنقل واقعًا حيًّا أمام أعيننا، وأسهبنا في الحديث عنه، بالنسبة لكورنيش جدة حيث لا توجد في جميع المرافق السياحية التي خصصت لفئات المجتمع، لا توجد مزلقانات للكراسي المتحركة حتى يستطيع المعاق قضاء وقت مع أسرته، وهذا حق للجميع، ففي ظل تنامي الوعي والاهتمام بقضية الإعاقة، وتزايد الطروحات التي تنادي بسن التشريعات والقوانين لضمان حقوق هذه الشريحة، نجد هذا التهميش الغريب الذي يطرح تساؤلاً نتمنى أن يجد الإجابة الصادقة، لأن هذه الفئة مستمرة بكل إصرار وتحدٍّ في إبراز قضاياهم بكل ما يملكون، وهذا الاستمرار سيلقى يومًا موقعه ومكانته. وإننا نطالب المؤسسات والشركات التي تهتم بهذه المهرجانات السنوية وتهتم بالربح أن يتعاملوا مع ما يخص هذه الفئات بمزيد من الاهتمام، ومزيد من الصدق والذكاء في قراءة ما بين السطور، وتلمس مدلولات ما ترصده إبداعاتهم، ليس بالعين المجردة وحدها، بل بحدقات عيونهم الموصولة رأسًا إلى قلوبهم العامرة بالحب. رسالة: نعم هضمنا حقوقهم. [email protected]