الرسالة العاجلة التي وجهها الصديق الدكتور محمود بترجي للعزيز الأستاذ محمد صادق دياب في عاموده الأسبوعي في جريدة “البلاد” الجمعة الماضية، فوق كونها وفاءً ليس بمستغرب من الدكتور البترجي نشَّطت ذاكرتي عما يتمتع به الدياب من صفات خُلقية ومزايا مهنية جعلته يحتل مكانة عزيزة في قلوب من عرفوه وتعاملوا معه. *أبو غنوة وهو اللقب الذي يفضله الدياب نسبة إلى ابنته الكبرى، ابن الحارة في الشهامة والمروءة وهو ما دفع أصدقاءه إلى تلقيبه “بالعمدة”. فالمعروف أن العمدة ليس فقط مسؤولًا عن معرفة أحوال الحي أو الحارة التي يشرف عليها بل كان في عرفنا المجتمعي يعتبر كبير الحارة وهو الذي يحل المشكلات والمنازعات بين أبناء الحارة كما كان يعين هذا الضعيف أو تلك الأرملة سواء من ماله الخاص أو من سعيه لدى الوجهاء. وهذا الدور كان أبو غنوة يقوم به على أكمل وجه في المروءة والشهامة ومساعدة وعون الآخرين بكل الطرق. * ولأبي غنوة خاصية المؤرخ حيث يتمتع برؤية منهجية وتحليلية للأحداث وحركة المجتمع وهو ما وضح في كتابه التاريخي الجميل عن مدينة جدة الذي أسماه “جدة، التاريخ والحياة الاجتماعية”، سجل فيه وقائع وأحداث لجدة زاخرة بالمعلومات السهلة الميسرة التي استفدت منها أنا كثيرًا رغم أني متخصص في التاريخ وأدرسه لطلاب وطالبات جامعة الملك عبدالعزيز، أي بمعنى آخر تفوق أبو غنوة بقدرته وحسه التاريخي ليضع كتابًا عن تاريخ جدة وحياتها الاجتماعية يستفيد منه المؤرخون أنفسهم. * وفي الصحافة وميادينها لأبي غنوة أسهم وأسهم فقد أبدع في كل تلك الميادين سواءً في المدينة كأحد رواد ملحق “الأربعاء” الثقافي أو حين رئاسته لتحرير مجلة “اقرأ” والنقلة النوعية المميزة التي أحدثها فيها وقد عصرت كثيرًا من تلك الفترة حين كنت رئيسًا لتحرير “الندوة” وكنا مع الزملاء قينان الغامدي والدكتور أحمد اليوسف نشكل ما يعرف برؤساء تحرير (98) وهي السنة التي تم اختيارنا لنكون رؤساء تحرير. شكل أبو غنوة في ميادين الصحافة مدرسة لها مريدوها وتلامذتها وجعل من اقرأ محضنًا صحافيًا ومهنيًا رفيعًا إضافة إلى إيجاده جوًا أسريًا مميزًا شعر فيه كل العاملين في المجلة بأنهم عائلة واحدة ولهم كبيرهم بقدر وقامة الدياب. * كثيرة هي خصائص وصفات العزيز أبو غنوة الشخصية وعديدة مزاياه المهنية ولكنه في وصف، أحسب اني أقصر في حقه به، هو إنسان يدفعك بكل مزاياه وخصائصه الخُلقية والمهنية إلى احترامه وحبه ولهذا فنحن في انتظار عودته سليمًا ومُعافى ليبقى في فضائنا كما هو نجم. فاكس: 6718388 – جدة [email protected]