لا يكفي قيام الدولة بتحقيق معدل كبير للنمو الاقتصادي لكي تحقق نجاحًا كبيرًا في قضية محاربة الفقر بها، بل يجب أن يصاحب ذلك انتهاج سياسات توزيعية جادة من شأنها ضبط العلاقة بين الأغنياء والفقراء في المجتمع لجني آثار ذلك النمو المتحقق. تقريبًا هذه خلاصة نقاش رؤساء فرق التطوع بجمعية الأمير ماجد للتنمية الاجتماعية الذي عُقد السبت الماضي 4 ديسمبر، والحديث عن ضبط العلاقة بين الأغنياء والفقراء وجمعية الأمير ماجد، يجعلنا نبارك جهود الجمعية التي يرأسها الأمير مشعل بن ماجد، ونبارك فكرها التنموي في مساعدة فقراء المحافظة لتكون أسر منتجة وفعالة في المجتمع، وفي احتضان رؤساء الفرق التطوعية التي برزت مؤخرًا في قضايا المجتمع الجداوي، ولعل هذه المظلة الإنسانية تعد أحد المفاتيح الرائعة التي تمتلكها الجمعية لإيجاد قيادات شابة في خدمة المجتمع وضبط العلاقة بين الأغنياء والفقراء. الأمير ماجد بن عبدالعزيز -رحمه الله تعالى- الذي ملكه الناس لم ينقطع عمله، وأبناؤه يسيرون على خطى أمير منطقة مكةالمكرمة الراحل، وامتداد هذا الموضوع ليس محافظة جدة فقط التي تحدثت بعشق عن أميرها وإنسانيته في التعامل مع الناس، وإنما كذلك عن الابن الثاني وهو الأمير عبدالعزيز بن ماجد أمير منطقة المدينةالمنورة، الذي أعجبني موقفه العاطفي الرائع حين رثى الدكتور غازي القصيبي رحمه الله تعالى بمقالة عنقاء تجلى فيها (الوفاء) بأجمل معانيه، وللعلم فإن الوفاء كان من الطرفين، الأولى كتبها الدكتور غازي القصيبي بعنوان: «ماجد.. الرجل الذي ملكه الناس»، والثانية كتبها الأمير عبدالعزيز بن ماجد بعنوان: «غازي.. الرجل الذي أحبه الناس». شخصية الأمير عبدالعزيز تستحق الإشادة والإعجاب، فقبل ستة أشهر اجتمعنا به في بيت الأستاذ قيس إبراهيم جليدان بجدة وهو ابن المدينةالمنورة البار الصالح، وكنت ضمن مجموعة كبيرة من رجال أعمال محافظة جدة والذي امتد أكثر من ساعتين، وفي حضرة أباطرة المال وأسئلتهم التنموية الغريبة والتي تدور حول الحوافز مقابل الاستثمار في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ظهر أمامنا مؤهلات (الكاريزما) القيادية وفن توجيه الحوار من الاستثمار في مدينة المعرفة إلى أهمية تفعيل دور رجل الأعمال ورجل الحكومة لصالح المجتمع المدني ولصالح المواطن، ولكن تغيير الموضوع يحتاج إلى أسلوب متزن حتى لا يشعر الحاضرين أن الأمير (عدل) عن الحديث في الاستثمار لصالح المستثمرين، لرغبته في مصالح المواطنين، ولأهمية التوافق في أسلوب الحوار، فقد سار الأمير عبدالعزيز مع حكمة قديمة في البرلمان الإنكليزي كانت تقول: «إن كل شيء يعتمد على الأسلوب ونبرة الصوت الذي يتحدث به الشخص، وليس على الموضوع بحد ذاته»، وفي الواقع ليس الأسلوب ونبرة الصوت الذي أبهرنا فقط، بل مصداقية ترسيخ العمل الاقتصادي والاجتماعي لمصلحة المواطن بصدق وقناعة دون شعارات براقة. ولا أبالغ في نشر وصف أهل المدينةالمنورة لأمير مدينة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، الذي قالوا عنه: إنه بشوش المحيا، عذب المشاعر، عيناه متلألئة بماء رقراق وابتسامة حاضرة، وهو صاحب روح حانية تهوي إليه أفئدة المواطنين بآمالهم وأحلامهم وتطلعاتهم دون خوف أو تردد، وفي نفس الوقت يعرفون أن حاكمهم هو (القوي الأمين) في الأوقات الصعبة ويستطيع أن يجبر النظام لصالح المواطن، لذلك فإنهم لا يزالون يتذكرون له موقف إعلان الشكر للملك عبدالله بن عبدالعزيز في الجرائد الرسمية عن التوسعة الثالثة في المدينةالمنورة قبل صدورها رسميًا من المقام السامي، وقد تجاوز الأمير عبدالعزيز مبدأ الإفصاح الحكومي الرسمي، رحمة بصغار الملاك حتى لا يبيعون ويفقدون فرصة التعويض العادل من الدولة. حتى موظفي الدوائر الحكومية بالمدينةالمنورة يقولون عنه بأنه شخصية مشعة بالذكاء الاجتماعي، ويملك فراسة قراءة حوائج الناس ويسعد بمساعدتهم، وهو كريم بكل ما تعني الكلمة من معانٍ، وفزَّاع بكل ما أوتي من قوة النظام. ختامًا: يقول عنه الشيخ قاعد الرقاص العتيبي أحد أصدقاء أبيه يرحمه الله: إن الأمير عبدالعزيز يبادل محبيه الاستماع والحديث فيوقد في النفس الدفء والحماس، ويقول دائمًا الأستاذ أسعد علاف: إن أبناء ماجد بن عبدالعزيز يرحمه الله يتميّزون بلين الجانب والتواضع مع الجميع، والوفاء لأصدقاء أبيهم، ومحبتهم لقضاء حوائج المواطن بالسر ولكن عين الله يراها ويرعاها. www.abm.com.sa