قال الضَمِير المُتَكَلّم: الأديان السماوية، والأخلاقيات الإنسانية ترفضان العنف بمختلف صوره ومشَاهِده، وأيًّا كان سببه وفَاعِله؛ ومهما كان جِنْس وحَجْم المفعول به. والمجتمع السعودي بدينه الإسلامي الإنساني، وبأخلاقياته وشِيمه الأصيلة، وبمختلف فئاته وأطيافه يستنكر الاعتداء الجسدي الذي تعرّضت له العاملة الإندونيسية في المدينةالمنورة، وتَأَلّم لمصابها، وطَالب بمعاقبة الفَاعِل!! هَذا من المُسلّمات؛ ولكن اللافت في هذه الحادثة الشاذة التي أفردت لها وسائل الإعلام المساحات والتحقيقات واللقاءات تَسَابُقُ هيئة حقوق الإنسان، وجمعية حقوق الإنسان (وهما مؤسستان سعوديتان) على التفاعل مع الحادثة، بزيارة متكررة للخادمة في المستشفى، والتبرع بتوكيل محامين للترافع عنها، وكذلك متابعة وزارة العمل لموضوعها!! والحقيقة أن الجميع يُصَفّقُون لهذه المبادرات المثالية، ولكن الواقع يتساءل: أين جمعية وهيئة حقوق الإنسان، ووزارة العمل من العنف والعذاب الذي يعانيه صباح مساء طائفة من المجتمع السعودي، نتيجة لممارسة بعض المؤسسات الحكومية والخاصة!! أين إنسانية هؤلاء من أُسَرٍ تسكن الصَّفِيح أو الخيام، أو بيوتًا آيلة للسقوط؟! وأين أولئك من مرضى يَمُوتُون أو يُصابون بالعاهات المزمنة نتيجة للإهمال والأخطاء الطبية؟ فلم نسمع، أو نشاهد زيارة لهم، أو تنصيب محامين للمطالبة بحقوقهم!! أين حقوق الإنسان ووزارة العمل من استعباد بعض شركات الحراسات الأمنية للشباب السعودي، وتكليفهم بالعمل تحت لهيب الشمس، وصقيع الشتاء لأكثر من ثماني ساعات يومية، دون تأمينات، أو تأمين طبي، وبلا علاوات، أو بدلات، وبراتب لا يتجاوز (1500 ريال)، حتى قال أحدهم متألّمًا: (يا ليتَنِي خَدّامَة)؟! فلماذا لا يَرْفَع أولئك أصواتهم لتَحرير أولئك الشباب وحمايتهم، بتوفير بيئة عمل مناسبة، وحَد أدنى من الرواتب؟! ولماذا لم يتحرّك مَن يحملون لواء حقوق الإنسان للوقوف مع أكثر من (500000) عاطل عن العمل، ومطالبة الجهات المعنية بمعالجة أوضاعهم، وتوفير مكافأة مقطوعة لهم حتى يحين توظيفهم؟! الواقع مرة أخرى يُنَادي بأنّ القضايا المتعلّقة بحقوق المواطن السعودي كثيرة؛ فلماذا تتجاهلها جمعية وهيئة حقوق الإنسان عندنا؟! فهل العلّة أنها لا تراها قضايا إنسانية؟! أو أنّ الإنسان عندها على درجات وفِئَات؟! أم أن أعضاءها يبحثون عن الحوادث الخارجية التي تحقق لهم الحضور الإعلامي الذي ينشدونه؟! (عزيزي القارئ فضلاً تكرّم باختيار إحدى العلل الثلاث). ألقاكم بخير، والضمائر متكلّمة. فاكس : 048427595 [email protected]