في بداية نوفمبر الحالي عُقدت في الرياض ندوة (المنشآت الصغيرة والمتوسطة) التي نظمها المعهد المصرفي ومؤسسة التمويل الدولية IFC، وتحدث فيها معالي الدكتور محمد الجاسر محافظ مؤسسة النقد السعودي (ساما) عن قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة SME مشيراً إلى أن مساهمات هذا القطاع حالياً لا تتجاوز 33% من إجمالي مساهمة القطاع الخاص في حين تزيد عن 99% بالنسبة لمنطقة اليورو. وعدّد المحافظ عدة أسباب منها ضخامة القطاع النفطي والقطاع العام، وارتفاع تكلفة رأس المال نتيجة ارتفاع معدلات الفائدة وصعوبة الحصول على التمويل المناسب بسبب نقص الضمانات وتواضع السجل الائتماني وضعف القدرة على المنافسة وضعف القدرة على مواجهة وتيسير الإجراءات الحكومية للتوسع في أعمالها وتواضع الصرف المالي على أبحاث التطوير. وأحسب أن السبب الأول لانتكاسة هذا القطاع هو أنه لا أب له يرعاه ويحميه ويربيه على عينه ويتعهده بما يصلح حاله ويقوي شأنه ويفجر طاقاته. هذا القطاع يا معالي المحافظ موزعة دماؤه على الوزارات والمؤسسات الحكومية وكل له اشتراطاته ومتطلباته، بعضها يصل حد التناقض، أو هو يدخل ضمن اللغز المعروف: (أيهما يسبق الدجاجة أم البيضة؟!). فالبنوك مثلاً تابعة لك يا معالي المحافظ، وهي التي لا تقدم القروض الكافية، وإن فعلت فبفوائد عالية مرهقة، وهي في المقابل تريد ضمانات كافية لاسترجاع حقوقها! إنها البيضة والدجاجة!!. وصاحب أي مشروع تجاري صغير طموح مطالب بالبدء بسجل تجاري تمنحه وزارة التجارة. والوزارة تشترط موافقة الدفاع المدني وإجازته لمكان العمل، مما يعني ضرورة استئجار المكان مقدماً ثم الدوران ألف دورة لاستكمال بقية الاشتراطات، أي سيذهب إيجار 6 أشهر في المعدل هباء منثوراً. إنها البيضة والدجاجة، ولا أحد يهتم!! هكذا هو حال هذا القطاع لا أب له ولا أم، وحتى الغرف التجارية الصناعية لا هم لها إلا تحصيل الرسوم وخدمة النخبة من كبار التجار ورجال الأعمال، وعلى الصغير أن يكبر أولاً حتى يصبح من أصحاب الحظوا لحظوة. إنها نظرية البيضة والدجاجة حتى في غرفة التجارة!! لا تلوموهم ولوموا أنفسكم!