يقولون في المثل الدارج « الذي يُقرص من الحية يخاف من الحبل»! فبعد كارثة سيول جدة في العام المنصرم وما نتج عنها من معاناة أصابت جميع سكان العروس.. أصبح الناس يخافون من أي رشة مطر. والآن دخل موسم الشتاء ( 15 نوفمبر – 15 أبريل)، وهذه الفترة هي فترة هطول الأمطار على مدينة جدة، لأن أمطارها خاضعة لمُناخ حوض البحر المتوسط، ( حار جاف صيفا- دافئ ممطر شتاءً)، فمتوقع أن تسقط أمطار على جدة خلال هذه الفترة وينشأ عنها سيول قد تمر بنفس المناطق المنكوبة سابقا، أو قد تمر في غيرها من الأودية الممتدة على طول شرق الخط السريع وبالتالي تصبح هذه الأودية نشطة وفاعلة تصرف كميات كبيرة من المياه اعتمادا على كثافة العاصفة المطرية، وتركزها، والوقت الذي تستغرقه العاصفة في كمية التساقط. لقد أصبح لدى الناس ثقافة عامة عن الأمطار والسيول وكيفية التعامل معها على الأقل بعد حدوث الأمطار أو جريان السيول بعد التجربة القاسية، ولذلك حرص الناس على تجنب بطون الأودية ومجاريها، والبعد عن المناطق الخطرة، والتوجه للأدوار العليا في حالة حدوث السيول، وعدم الخروج من المنازل، والاستماع إلى نشرات الطقس و تعليمات الدفاع المدني في وسائل الإعلام المختلفة. إن دور الإعلام في التعامل مع هذه الكوارث مهم للغاية، ومحاولة توجيه القاطنين في البيوت، أو المتنقلين في الشوارع، أو العابرين للطرق السريعة في المناطق المنكوبة وإرشادهم في كيفية التصرف أثناء حدوث الأمطار والسيول، وما يجب فعله إذا حوصر الإنسان بالمياه، أو تعرض لمكروه هو وأفراد أسرته إبان مجريات الأحداث. والذي نود أن نؤكد عليه ويأتي في أولويات اهتمامات الدول التي تحرص على حماية الإنسان من مغبة الكوارث وتأثيراتها هو العناية بأطفال المدارس وطلابها، لأنهم هم الأكثر تأثرا بهذه الأحداث ويحتاجون إلى عناية خاصة، ولذلك يجب إعلام أولياء الأمور والطلاب عبر وسائل الإعلام المختلفة وفي وقت مبكر من الأحداث خاصة في الفترات الصباحية أو المسائية بعدم الذهاب للمدارس المعرضة للأمطار الشديدة أو لخطر الفيضان، وأن يكون هناك قائمة بأسماء المدارس التي سوف تغلق أبوابها في صباح الغد نظرا لتوقعات هطول الأمطار الغزيرة، هذا الإجراء تعمل به معظم الدول المتقدمة، والتي تتعامل مع الكوارث والأحداث غير الطبيعية التي يكون لها ضرر بالغ على السكان. طالبنا كثيرا بأن يكون هناك تنسيق بين القطاعات ذات المسؤولية المباشرة في مثل هذه الأحداث وعلى رأسها الرئاسة العامة للأرصاد، والدفاع المدني، ووسائل الإعلام لنقل الأحداث أولا بأول، فدور الإعلام مهم للغاية وإيصال المعلومة الصحيحة للمواطنين مطلب أساس، وإطلاع الناس عما يدور حولهم أمر مهم للغاية، وتوعية المواطنين وتوجيههم بطريقة صحيحة أمر محمود عوضا عن الشائعات والأخبار المغلوطة التي يتناقلها الناس وهي بعيدة كل البعد عن الواقع. نريد أن نفعل دور الإعلام بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم في عمل قوائم بأسماء المدارس التي قد تكون معرضة لمخاطر السيول والفيضان. وأن تبث هذه الأسماء على شاشات التلفاز حتى يراها الجميع. إن أتباع هذا الأسلوب هو الأمثل في الحفاظ على أرواح أبنائنا الصغار والكبار وتجنيبهم وأولياء أمورهم مواطن الخطر، وتخفيف درجة الهلع والخوف التي تصيب الناس عند أول رشة مطر أو عند حدوث الكوارث بمختلف أنواعها لا قدر الله. [email protected]