مَن يشاهد معظم ما تنتجه هوليوود من أفلام، سيعتقد أن غريزة القتل هي الدافع الرئيس للسلوك البشري، وليست غريزة الجنس، كما تقول نظرية الأب الروحي لعلم النفس، النمساوي سيجموند فرويد! في الأفلام الأمريكية يبدو الجميع توّاقًا لإسالة الدم، وممارسة القتل. هذا السلوك لا ينفرد به أشرار السينما وحدهم، لكن حتّى الخيّرون، ومخلصو العالم، ومنقذو البشرية يمارسون القتل على الشاشة بتلذذ يدعوك للشك: هل الإنسان خُلق ليفكر كما كان يقول الفيلسوف الألماني إيمانويل كانت، أو أنه خًلق ليقتل كما يحاول أن يثبت منتجو، ومخرجو السينما الأمريكية؟ ولأن السينما الأمريكية تحتكر النسبة الأعلى للمشاهدة، ولأن الإنتاج الهوليوودي يكاد ينفرد بالمتابعة والتغطية الإعلامية، وأحيانًا الكتابات النقدية، فإنني أخشى أن يقوم متابعو هذه السينما بتعديل نظرية الفيلسوف الفرنسي ديكارت من: (أنا أشك.. إذن أنا موجود) إلى: (أنا أقتل، أو أنا أفكر بالقتل، أو أنا أستمتع بمشاهدته على الشاشة.. إذن أنا موجود). هوليوود خلقت مشاهد بمواصفات سفّاح مؤجّل ينتظر الفرصة السانحة لينقض على مَن تساعده الظروف لقتله. أو في أحسن الأحوال فإن السينما الأمريكية خلقت مناخًا دمويًّا جعلت فيه من مشاهد العنف المبالغ فيها، وسيلة لإمتاع الجمهور! ولا أدري حقيقة ما هي المتعة التي يمكن أن يحصل عليها المرء من متابعة عمليات القتل التي يتفنن المخرجون في تصوير أدق تفاصيلها البشعة. ويبدو أنه وبسبب التأثير الكبير الذي تمتلكه السينما الأمريكية على باقي حركات السينما في العالم، فإن العدوى انتقلت سريعًا إلى أوروبا أولاً، ثم إلى باقي دول العالم بما فيها دولنا العربية. السينما المصرية الآن مليئة بمشاهد العنف والقتل والدم، ومن يتابع أفلام بروس ويليس المصري الأستاذ أحمد السقا على سبيل المثال، سيصطدم بكم ونوع الأسلحة التي يشاهدها على الشاشة. فمن المسدسات، إلى الرشاشات إلى مدافع الهاون، إلى القنابل الموقوتة شديدة الانفجار، إلى المدافع والمدافع المضادة للدروع.. وكل ذلك يحدث في شوارع بولاق الدكرور، والسيدة زينب، وسيدنا الحسين، وشبرا، وشبرا الخيمة، وليس في شوارع منهاتن، وهارلم، وهارلم الخيمة! القتل الفردي، ولا أقصد القتل المنظم في الحروب، أصبح تسلية جديدة. إلى أين سنصل؟! [email protected]