ما من مسلم إلا ويؤمن أن الموت حق، وأن الله تعالى كتبه على كل حي، حتى على أكمل وأطهر البشر.. الأنبياء، وقد ذكر ذلك سبحانه وتعالى في محكم التنزيل: حين قال عز من قائل: «إنك ميّت وإنهم ميّتون» الآية. وليس من أحد إلا سوف يمر به هذا الغائب المنتظر الذي قد قيل عنه.. إنه شر غائب ينتظر.. لكنه الحق الذي كتب الله تعالى على كل ابن أنثى، وقد قال الشاعر: «كل ابن أنثى وإن طالت سلامته.. يوماً على آله حدباء محمول». لكن الأهم أن يأتي الواحد منا الموت وهو موحد لله سبحانه وتعالى، غير ظالم لنفسه، أو أحد من خلق الله، متبعاً الهدي الصحيح لرسولنا صلوات الله وسلامه عليه. وكوننا بشر لا بد أن نحزن وأن تدمع أعيننا على فقد عزيز علينا، سواء له صلة قربى أو رحم أو صداقة أو عمل، أو تربطنا به أي علاقة من قريب أو من بعيد.. ثم نحمد الله على ما أصابنا ونصبر ونسترجع «إنا لله وإنا إليه راجعون». وقد كدرني حقيقه نبأ وفاة أستاذي معالي الدكتور محمد عبده يماني مدير جامعة الملك عبدالعزيز ثم وزير الإعلام سابقاً وأحد أبناء مكةالمكرمة البررة الذين خدموا المنطقة وأهلها والوافدين إليها.. والكل- رحمه الله- يشهد له بذلك. وهذا الرجل رغم فارق السن والمكانة بيني وبينه إلا أنه كانت تربطني به علاقات متعددة سواء عندما كان مديراً لجامعة الملك عبدالعزيز أو عندما كان وزيراً للإعلام، أو بعد أن تقاعد عن العمل الحكومي وأصبح يباشر عمل الكتابة والتأليف وأعمال الخير في مكتبه في برج دلة البركة بجدة. فلم أقابله في يوم من الأيام أو لحظة من اللحظات إلا ويبش في وجهي ويقبلني وإن كان لديه مكان يتسع للجلوس أجلسني وأخذ يسألني عن أحوالي.. و يقول لي عبارة: «أهلاً بالزميل القديم» فأرد عليه قائلاً.. أي زميل أنت أستاذي.. فيرد مبتسماً عسى ما زعلت «هيا اجلس.. اجلس زميل قديم غصباً عنك.. يعني قصدك تصغر نفسك..؟!» وقد كان- يرحمه الله- رجلاً محباً للخير في داخل بلادنا وخارجها.. يحسن الإنصات إلى من يحدثه مهما كان سن ذلك المتحدث أو مكانته أو مستواه الاجتماعي. وقد كان مكتبه في الجامعة أو في الوزارة سواء في الرياض أو جدة أو عندما كان يداوم في برج دلة البركة بجدة كان مكتبه أكثر من يرتاده.. من يريد الشفاعة أو الفزعة أو المساعدة.. فكم شفع لأناس، وكم ساعد مادياً، وكم زوج، وكم وقف مع الكثير، إما بوجهه أو جاهه أو ماله أو إرسالهم لمن يفك ضيقتهم. كان- يرحمه الله- يتصف بالوفاء للأصدقاء والمشاركة للناس في أفراحهم وأتراحهم ويتميز بسعة الصدر والصبر فأصبح محبوباً ومتقبلاً من الجميع. وهذا الحب والتقدير والقبول ليس مقتصراً على المواطنين وضعفاء المواطنين والوافدين فقط. ولكن حتى من الدولة وقيادتها الرشيدة وأمراء المناطق.. فله قبول كبير بالذات لدى أمراء منطقة مكةالمكرمة وخاصة مع أميرها الحالي سمو الأمير خالد الفيصل.. وقد شاهدته أكثر من مرة يتحدث مع معاليه- رحمه الله- حديث الأخ لأخيه وحديث أمير المنطقة الذي يقدر جهود معاليه التي بذلها سواء وهو في الدولة أو في أعماله ومشاركاته الحالية.. رحم الله أبا ياسر وأسكنه الجنة.. وألهمنا وآله وأصدقاءه ومحبيه الصبر و(إنا لله وإنا إليه راجعون). [email protected] فاكس: 6292368/ 02