قال الضمير المتكلم: الحقيقة أن ردود الأفعال التي أعقبت خروج فريقي الشباب والهلال يوم الأربعاء الماضي من البطولة الآسيوية الأهم كانت صاخبة. ومن الناحية الفنية أسهب المحللون في مناقشتها، ولكن ما يلفت الأنظار تلك العاصفة من رسائل الفرح والسخرية التي أعقبت هزيمة الهلال -تحديدًًا- على أقدام الفريق الإيراني! فهناك مئات الآلاف من الرسائل الجواليّة، والإنترنتية، والبلاكبيريّة التي كانت تنطق بمشاعر الفرحة والبهجة لخروج الفريق من هذه البطولة، يضاف عليها سَلَطَات من عبارات التّهكم التي تحوّلت إلى طرائف ونُكت عابرة للقارات!! وهنا لابد من وقفة تفكير وتساؤل: كيف يرفع بعض السعوديين بيارق الفرح، وتتعالى ضحكاتهم ابتهاجًا بهزيمة نادٍ سعوديٍّ، وخروجه من بطولة دولية! حتى أن بعضهم أَوْلَم بأربعة من الحواشي، أو هكذا وَعَد؟! وابتداءً دعونا نتفق على أن تشجيع الأندية الرياضية لا علاقة له بالوطنية، فهو ينطلق من انتماءات وميول خاصة، ثم تعالوا لِنَضع افتراضات تُعَلّل لهذه الظاهرة (أعني الفَرْحَة بهزيمة الهِلال): * لكون إدارة الهلال تنتمي للطبقة المُخْمَلِيّة النّافِذة، تعتقد بعض الجماهير أن النادي يحظى بدعم وتسهيلات على مختلف المستويات، بينما تُحْرم بقية الأندية من ذلك، فالإحساس بازدواجية المعاملة وَلّد السخط والتشفي في النفوس في حَال هزيمة فريق الهلال وانكساره! * التعبئة الإعلامية غير المسبوقة من القنوات الرسمية التي سبقت هذه المباراة، التي اعتبرت الفوز بها فتحًا ومنعطفًا تاريخيًّا، وهذا الذي لم تنله فرق أخرى حصلت على البطولة بالفعل كالاتحاد من جدة، هذه المؤازرة التاريخية التي تسلّحت بتقارير وبرامج مباشرة طوال اليوم والليلة مع إغفال الأندية والفعاليات الأخرى، كانت نتيجتها سلبية بعد الهزيمة!! * الفرضية الثالثة وهي الأهم: أن تلك الفرحة أحاسيس ظاهرة، تقودها في الباطن موجات من الغضب داخل أفئدة المحتاجين والفقراء والمرضى والعَاطلين على الرياضة عمومًا، إذ يرى بعضهم أن تلك الأموال تُهْدَر على كماليات ك (مطاردة ذلك اللسْتَك المنفوخ)، بينما بعض المواطنين قد لا يجد قوتًا لأطفاله، أو سكنًا لِفِراخِه، أو علاجًا مناسبًا لمرضاه، أو مصدر رزق يَسدّ رَمَقَه!! أعزائي يمكنكم التصويت على اختيار إحدى تلك الفرضيات أو كلها، ولكن الواقع يقول: الرياضة عند مَن اخترعها وتفوق فيها أصبحت صناعة تُدرّ المليارات، وتحقق النتائج، بينما في دول العالم الثالث هي وسيلة لاستنزاف الميزانيات (والنتيجة هَاردلك، وخيرها في غيرها)! ألقاكم بخير، والضمائر متكلّمة. فاكس : 048427595 [email protected]