يبدو أن ممارسات الفساد الكبرى في بلادنا لم تعد حكرًا على الموظفين الحكوميين أو المواطنين السعوديين أو حتى على جنس الإنس وحده، بل أصبحت تشمل الثقلين مجتمعين: الإنس والجن. جريدة عكاظ نشرت في عددها الصادر بتاريخ 12/11/1431خبرًا يفيد بأن محكمة المدينةالمنورة استعانت بالراقي الشرعي فايز القثامي لاستجواب (الجني) المتهم في قضية الفساد المالي والإداري الشهيرة بالمدينةالمنورة! وكان القاضي المتهم على ذمة القضية قد ادعى أنه واقع تحت تأثير حالة تلبس من قبل جني ما، مما دفع برئيس محكمة المدينةالمنورة للاستعانة بالراقي الشرعي لاستنطاق الجني الفاسد! الاستعانة بخبرات الجن في مجال الفساد، ستفرض على الأجهزة المعنية بمتابعة ممارسات الفساد، توسيع دائرة نشاطها لتشمل عالم الجن بعد أن كان عملها مقصورًا على عالم الإنس وحده! وعليه فقد نشهد قريبًا استحداث أجهزة رسمية جديدة تكون مهمتها رصد نشاط إخوتنا من الجن في قضايا الفساد الكبرى. ولأن لجوء محكمة المدينةالمنورة لراق شرعي بغرض استجواب الجني المتهم (لا ندري حتى الآن إن كانت عملية استجواب الجني قد تمت بحضور محاميه أم لا، كما أننا لا نعرف إذا ما كان محامي الجني المتهم إنسيا أم جنيا هو الآخر) يدل على أننا بلد يؤمن بالتخصص، فإنني لا أستبعد أبدًا أن يتم إنشاء فروع جديدة بالمحاكم وبهيئة الرقابة الإدارية وبكليات القانون، قادرة على التعامل مع الجن. القضية ليست سهلة كما يبدو، فالتواصل مع الجن يستدعي إتقان مهارات وعلوم غيبية خاصة، كالإلمام بأصول فن تحضير الأرواح وفتح المندل وقراءة الكف وضرب الرمل والودع. ولتوفير كوادر بشرية قادرة على أداء هذه المهمات، أقترح على الجهات المعنية إدراج العلوم السابق ذكرها ضمن نشاط جامعاتنا التي لم تفلح بعضها حتى الآن في الحفاظ على مستوى مقنع لخريجيها، علّها تحقق التميز المطلوب من خلال التخصصات الجديدة المشار إليها. ومن يدري فقد نسبق العالم في هذا المجال مما قد يؤهلنا لتصدير خبراء أجانب لكل بلاد الدنيا، للتعامل مع إخوتنا الجن ولاستنطاق المتهمين منهم في قضايا الفساد والجنايات الكبرى. فعلًا ممارسات الفساد لدينا تتخطى قدرات بني البشر.