في البَدء يحسن التَّذكير بقول الحق –جَلَّ وعَزّ- «وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ»..! ومِن بَعدها أقول: يَتفنَّن العَرب في إلقَاء التُّهم على الآخرين، وكُلّ فعل رَديء يُعتبر قادم إليهم مِن الخارج، دَخيل عليهم، غَريب على مُجتمعهم.. عندما يَنحرف أولادهم فالسَّبب أبناء الجيران وأصدقاء السّوء، وعندما يُرتكب الفعل السّيئ فإبليس هو المُحرِّض والمُوسوس، والتَّخلُّف الذي يُعاش، فَاعله الاستعمار والقوى «الخارجيّة»..! هَكذا نَعيش، وكأنَّ الكُرَة الأرضيّة لا هَمّ لها ولا عَمل، إلَّا التَّفكير بالتَّآمر عَلينا، ومِن جهةٍ ثَانية يَبدو في الصّورة وكأنَّنا قطعة مِن البَشر الكَاملين، تَستوطن المَعمورة..! وبحُكم ارتباط القَوم بالنَّص الشَّرعي، وتَقديمه عَلى ما سواه، فقد بَحثتُ في متون النّصوص الشَّرعيّة، مُحاولاً البَحث عن نَص شَرعي، يَكون ظَاهر الدَّلالة، وقَطعي الثّبوت على أنَّ المَصائب التي تَسكننا هي مِن عند أنفسنا، قَبل أن تَكون مِن عند الآخرين، وبين أيدينا حَديث نبوي شَريف، يَجب أن نَتدبَّره مَثنى وثُلاث ورُباع، رواه ثوبان -رضي الله عنه- عن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قَال: (إنَّ الله زوى لي الأرض، فرأيتُ مَشارقها ومَغاربها، وإنَّ أُمَّتي سيَبلغ مُلكها ما زُوي -أي جُمع لي مِنها- وأُعطيت الكنزين الأحمر والأبيض -مَعادن الأرض وثَرواتها- وإنِّي سَألتُ رَبّي لأُمَّتي ألا يُهلكها بسَنَة عامَّة -قحط شَامل- وألَّا يُسلط عليهم عَدوًّا مِن سوى أنفسهم –أجنبيًّا- فيَستبيح بيضتَهم، وإن ربِّي قَال: يا مُحمد إنِّي إذا قَضيتُ قَضاءً، فإنَّه لا يُرد، وإنِّي أعطيتُك لأُمَّتك ألا أهلكهم بسَنَة عَامَّة، وألا أُسلِّط عليهم عَدوًّا مِن سوى أنفسهم يَستبيح بيضتَهم، ولو اجتمع عَليهم مَن بأقطارها، أو قال مِن بين أقطارها -يَعني أهل قَارات المَعمورة- حتَّى يكون بعضهم يُهلك بَعضاً، ويَسبي بعضهم بعضاً)..! يَجب أن نَكون في مستوى المسؤوليّة، ونُعلن منذ اليوم بأنَّنا أُمَّة عَاجزة عَن تَحمُّل الأخطاء، والتَّصرُّفات القَبيحة التي نُحدثها في حياتنا اليوميّة..! يَجب أن نَكون أكثر شَجاعة في مواجهة «هَزيمة الذَّات»، لنُعيد بعثها مِن خلال الاعتراف بالخَطأ أولاً، وإن لَم نَفعل ذلك، سيَظل كُلّ كَلام يُقال، لا يَعدو أكثر مِن كَلام غير ضروري، بين نَاس غير ضَروريين، لا أحد يُريد أن يَسترضيهم، ولا أحد يهمه أمرهم، وليس لَهم صَوت، وليس لصَوتهم ثَمن..!. [email protected]