طرحت وزارة الاسكان الاسرائيلية أمس مناقصة لبناء 238 وحدة سكنية جديدة في حيين استيطانيين في القدسالشرقية على ما اعلنت الاذاعة العامة، مثيرة غضب السلطة الفلسطينية التي اتهمت الدولة العبرية "بقتل" فرص استئناف مفاوضات السلام. وهذه هي المناقصة الاولى التي تطرح منذ انتهاء في 26 سبتمبر الماضي مهلة تجميد اعمال البناء لعشرة اشهر في المستوطنات، ومع ان قرار التجميد لم يشمل القدسالشرقية الا ان الحكومة الاسرائيلية تفادت طرح مناقصات فيها في الاشهر الماضية. واعلنت الوزارة عن المناقصة لبناء مساكن مخصصة للسكان اليهود في حيي راموت وبسغات زائيف، بحسب الاذاعة. وقال موقع صحيفة يديعوت احرنوت على الانترنت ان الحكومة الاسرائيلية اعطت الضوء الاخضر لطرح المناقصة بعد ابلاغ واشنطن التي مارست ضغوطا للحد من حجم اعمال البناء المقررة. ودانت السلطة الفلسطينية الجمعة المشروع الاستيطاني الاسرائيلي الجديد في القدسالشرقية، متهمة الحكومة الاسرائيلية ب "قتل" فرص استئناف مفاوضات السلام. وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات "ندين هذا القرار بشدة ونحمل الحكومة الاسرائيلية مسؤولية انهيار المفاوضات وعملية السلام"، داعيا الادارة الاميركية الى "تحميل الحكومة الاسرائيلية مسؤولية انهيار المفاوضات وعملية السلام". ونددت حركة "السلام الان" المعادية للاستيطان بقرار الوزارة استئناف اعمال البناء في القسم الشرقي من المدينة المقدسة، واعلنت حغيت عفران المسؤولة عن ملف الاستيطان في حركة "السلام الان" انه "من الواضح ان هذا الاعلان خطوة سياسية لعرقلة استئناف مفاوضات السلام مع الفلسطينيين". واوضحت ان الوزارة اعطت موافقتها على عرض المناقصات الا انها لم تنشر بعد في الصحف. من جهتهم قال مسؤولون فلسطينيون كبار ان المأزق الراهن في محادثات السلام المباشرة مع اسرائيل قد يضر بالقيادة الفلسطينية المعتدلة ويجب ان يجبر القوى العالمية على اعادة النظر في استراتيجيتها في الشرق الاوسط. وساد في لقاءات اجريت هذا الاسبوع مع كبار المسؤولين الفلسطينيين شعور بالتشاؤم ممزوجا بخيبة أمل كبيرة في أسلوب تعامل الولاياتالمتحدة مع الموقف، وقال ياسر عبد ربه وهو من قلب فريق التفاوض الخاص بالرئيس الفلسطيني محمود عباس «اذا كانت الولاياتالمتحدة لا تستطيع تحقيق تجميد صغير آخر للمستوطنات فكيف نضمن ان تساعدنا في المشاكل الكبرى.» وأضاف «نحن أكثر القيادات اعتدالا في تاريخنا...لكننا سنسقط مع الفشل لانه بصراحة عملية السلام هي استراتيجيتنا. حماس تنتظر فشلنا» مشيرا الى حركة المقاومة الاسلامية التي تسيطر على قطاع غزة. وقال الفلسطينيون انهم أوضحوا من البداية انهم سينسحبون من المفاوضات ما لم تمدد اسرائيل الحظر المؤقت الذي استمر عشرة اشهر على البناء الاستيطاني في الضفة الغربية والذي انتهى العمل به في 26 سبتمبر ايلول. وقال مسؤول فلسطيني طلب عدم الكشف عن اسمه ان الامريكيين أكدوا للفلسطينيين في أحاديث خاصة ان البناء الاسرائيلي لن يجري خلال هذه المحاولة الاخيرة لانهاء الصراع الدائر منذ عقود. ولم يكشف المسؤولون الامريكيون عن تفاصيل المفاوضات القصيرة الاجل لكن دبلوماسيين أكدوا ان واشنطن عرضت مجموعة من الحوافز بما في ذلك أفكار أمنية لاقناع الاسرائيليين بتجميد الاستيطان مجرد شهرين فقط. وصرح بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي بأنه يدرس العرض لكن أشارت تقارير الى انه يريد المزيد. ويقول فلسطينيون انه بدلا من يكافيء الرئيس الامريكي باراك أوباما اسرائيل عليه ان يمارس المزيد من الضغوط عليها حتى توقف البناء في المستوطنات اليهودية في أرض احتلتها في حرب عام 1967 وحذروا من ان البناء الاستيطاني يقضي على فرصهم في اقامة دولة فلسطينية قابلة للبقاء. وقالت حنان عشراوي السياسية المتمرسة وعضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية «مرة أخرى يعدون اسرائيل بكل شيء مقابل خطوة متناهية الصغر لتقليص بعض انتهاكاتها»، وأضافت «انهم يدمرون أكثر القيادات الفلسطينية اعتدالا من اجل انقاذ حكومة (اسرائيلية) هي الاكثر تطرفا وتشددا ويمينة.» ويعتقد الفلسطينيون ان عددا أكبر من الدول الان يؤيد موقفهم ويقول كثيرون انه اذا انهارت هذه المحادثات حقا فالوقت حان للضغط على الاممالمتحدة لتعترف بقيام دولة فلسطينية مستقلة بموافقة اسرائيل او بدونها، وقال غسان الخطيب المتحدث باسم السلطة الفلسطينية «يتفق الكل تقريبا على ان حل الدولتين هو سبيل المضي قدما. لكن اذا كان واقع الامر في اسرائيل يحول دون ذلك فلماذا نظل رهينة موافقة اسرائيل.» وحذرت اسرائيل الفلسطينيين من السير في هذا الاتجاه وستتطلب مثل هذه الخطوة موافقة الولاياتالمتحدة وهو شيء بعيد الاحتمال في الوقت الراهن. ويقول كبار المسؤولين الفلسطينيين ان هناك شعورا متناميا بأن النموذج القديم لمحادثات تتوسط فيها الولاياتالمتحدة قد عفا عليه الزمن وانتهت صلاحيته بعد العديد من الانتكاسات ويرون ان التفاوض بين شركاء غير متساويين لن يصل أبدا الى نتيجة نزيهة. وقال محمد شتية من حركة فتح التي يتزعمها عباس واحد اعضاء فريق التفاوض «حان الوقت لان يفرض أحد حلا وان يطلب من اسرائيل ان تنهي الاحتلال. «اذا لم تكن واشنطن في موقف يمكنها من ممارسة الضغط على اسرائيل فيجب تغيير الديناميكية». وحذر من ان صبر المواطنين الفلسطينيين العادييين نفد بعد سنوات من الفشل، وقال «القرف هو شعور عام بين الفلسطينيين العاديين الناس يريدون ان يروا ضوءا في نهاية النفق لكن النفق استطال كثيرا.»