يزخر الوطن بالمبادرات الكريمة لفعل الخير والبذل في سبيله، وتزداد هذه المبادراتُ أهميةً وتأثيراً حين يرتبط عطاؤها بنساء الوطن، وبذلك لا تكون المشاركة الخيرية حكراً على الرجال. سارة .. هكذا ينادونها ويتحدوثون عنها، في طبرجل والقريات ودومة الجندل وسكاكا، أينما تذهب في منطقة الجوف تسمع اسمها لا يسبقه لقب الأميرة. سارة .. أيها القارئ العزيز هي صاحبة السمو الملكي الأميرة سارة بنت عبدالله بن عبدالعزيز حرم صاحب السمو الملكي أمير منطقة الجوف. في زيارتي لجمعية الملك عبدالعزيز بالجوف للمشاركة لوضع استراتيجية لمشروع «جوفيات» تشرفت بالاطلاع على منجزات الجمعية وأعمالها. وقد استوقفتني صورة العمل الجماعي لنساء يعملن في مقر الجمعية، بمهنة ”السدو» والسدو أيها القارئ الكريم يطلق على خيوط الصوف بشكل أفقي وحياكته، يعمل أولئك النسوة بتناغم وسط (غابة) من خيوطه. وظفتهن الجمعية للحفاظ على تراث المنطقة، ولضمان مصدر رزق لهن في مقر الجمعية برواتب شهرية، مؤمن لهن المواصلات والتأمينات الاجتماعية، لسان نساء السدو يلهث بالشكر والتقدير لسارة بنت عبدالله بن عبدالعزيز. حاولتُ خلال دقائق أن أملأ سمعي وبصري بحضورهن المهيب، قلت بلساني قليلاً من الكلمات، لأنني كنتُ أخشى أن تخونني العَبْرة من تناسق العمل ودقته وجماله، وتعطَّلَت لُغةُ الكلامِ كانت أعينهن تحاصرني (فتسمعني) حديثاً تمنّيتُ أن يدومَ عن سارة وعملها، وأدركْت أنَّ الدقائق التي أمضيتُها بين نساء السدو أوصلت أصداء عملهن إلى القلوب والأسماع عبر أصقاع الوطن. أما سارة.. رقيقة القلب فخانتها العَبْرة أمام حشد من النساء وانهزمت من مرض عيون طفلة الجوف، ومع ذلك تتساوى صلابتها في الرأي وجرأتها في الطرح وفصاحتها في البيان، فتنافح عن رأيها، أو تطوي بساط الحوار إلى حينٍ آخر! واستطاعت سارة تعبيد الطريق للمرأة الجوفية لتشارك في نهضة المنطقة، لذلك تحتل قلوبهن. تسألونني الآن: ماذا بقي في ذهني عن زيارة الجوف ممَّا لم أقله أو أسمعه، فأقول: إن ما يختزنه وعاءُ الذاكرةِ عن الزيارة الجوفية من مواسم الفرح والإنجازات كثير جداً وعميق جداً ومتنوع الأطياف والأصداء وخاصة عن عمل سارة.