قال الدكتور عبدالعزيز الخضيري في مقدمة مقاله (قطار المشاعر.. والله عيب): «يقف كل إنسان عاقل ومنصف موقف الألم والحرقة والحزن على قدرة بعض الأشخاص بغض النظر عن مواقعهم ومسؤولياتهم على فبركة الحقائق وطمس الجهود ومحاولة إبرازها بشيء من الاستهتار والاستهزاء والتشكيك في العطاء وقذف الأبرياء بالتهم». ومقالي دفاع عن شخصية قيادية في «الهيئة العامة للاستثمار»، أما إنجازاتها فقد تفضل الكاتب الدكتور حمزة محمد السالم وشرحها بعدة مقالات وفي مواقع مختلفة وشاركه مجموعة من الكتاب الاقتصاديين، ومع كل الحقائق استمر السيل الجارف من المقالات العامة التي لا تستند على أرقام أو تفاصيل دقيقة أو وقائع رسمية سوى أنها نجحت في إثارة الرأي العام ضد أعمال (الهيئة) المنصوص عليها وفق نظامها الصادر بالمرسوم الملكي. وعندما سألني أحد الزملاء المحامين عن بعض المعلومات التي ذكرت في المقالات، قلت: إن إدخال جمل عاطفية تمس المجتمع داخل المقال مثل عدم سعودة الوظائف أو بيع الفيز أو منافسة الأجنبي للسعودي لتكون ضمن سياق المقال يعتبر تغييب للحقائق وإغفال تام عن دور الوزارات المعنية مثل وزارة العمل ووزارة التجارة والصناعة ودور هيئات حكومية متخصصة في توظيف الكوادر الوطنية، ودورهم الأهم يمتد إلي محاربة التستر التجاري والاقتصاد الخفي، وكذلك محاربة تجارة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي لديها مئات العمالة السائبة فيسترزق منها المخالف للنظام كدخل شهري من نشاطهم، والجزء الأخير من الجملة هو تصريح رسمي من وزير العمل السابق الدكتور غازي القصيبي رحمه الله تعالي. ومقالي سوف يلقي الضوء قليلًا علي موضوع منتدى «التنافسية» ونتائجها السنوية، فهل من المعقول أن هذا المنتدى هي الشعرة التي قصمت ظهر الهيئة مع الكتاب، وفتحت عليها عش الدبابير؟! حسنًا سوف أطرح بعض النقاط لمناقشة أدلة جديدة قد تخدم القضية ككل كما يقول زملاء المهنة المحامين. أولا: إن محاولة المقارنة أو التوفيق بين مؤشرات التنمية ومؤشرات التنافسية هو خطأ اقتصادي، وهو كمن يريد إدخال محورين عادلين ولكن يسعي من وراء ذلك إلى إظهار قضية غير عادلة فيها ضرر خاص واتهام بتزوير الإنجازات. ثانيًا: لا يمكن تحميل نتائج «التنافسية» على التنمية بصفة عامة، ولكن لا بأس من جعلها قياس تجمع وتقسم وفق ضوابط مع البيانات الداخلية الرسمية، للخروج بنتائج شبه عادلة وصحيحة. ثالثًا: من عام 2007م أصبحت نتائج «التنافسية» تمس أداء أغلب الوزارات الخدمية، وأصبحت تطرح اقتصاديًا في كل عام بطريقة علمية توضح أوجه القوة والضعف في الوزرات الحكومية. رابعًا: آخر مؤشرات نتائج «التنافسية» بينت تحسن بعض الوزارات التي سعت إلى تحسين اللوائح المنظمة للعمل الداخلي مع المواطن، وهنا لم أقل إنها غيرت أنظمة، لأن تغيير النظام يحتاج إلى عرضه على مجلس الشوري ثم على هيئة الخبراء حتى يصدر به قرار ملكي، مع العلم أن أغلب الأنظمة التي صدرت من عهد الملك سعود وحتى الآن تعتبر الأفضل عربيًا ولكن مشكلتها في بعض الوزارات التي تُغيِّر في اللوائح وفق أهوائها. بعد هذه النقاط الأربعة، أستعين بجزء من مقالة طويلة اقتصادية عنوانها: «تنافسية الاقتصاد السعودي في الميزان» للكاتب بجريدة الاقتصادية الدكتور محمد ناصر الجديد، والذي وضع الوزارات في مواجهة مع الحقائق وبيّن كيف حصلت وزارة «التعليم العالي» على أداء أفضل من وزارة «التربية والتعليم» التي تأخرت في محور الالتحاق بالتعليم الأساسي، وكيف حصلت وزارة «المالية» و«وزارة الاقتصاد والتخطيط» و«مؤسسة النقد العربي السعودي» على مراتب جيدة في مستوي استقرار الاقتصاد الكلي ومعدل الادخار الوطني بعد اتباعهم سياسة التحفظ المالي، والمفاجأة تقدم «وزارة النقل» بعدة مراتب بعد تنفيذها مشاريع طرق وحصولها على المرتبة 27 من بين 133 دولة، والحديث يطول في هذا الجانب عن قياس أداء الوزارات ومدى تحسنها ومدى تراجعها في كل عام. ختامًا، إن قياس التنافسية وإن كانت ليست ذات أثر مباشر على التنمية العامة، ولكنها حتمًا وضعت قيادات أكثر من (15) قطاع حكومي بطريقة غير مباشرة ضمن قياس الأداء الفعلي لتحقيق الأهداف في نهاية كل عام، وإن كان الحديث أنه قياس دولي ولا يتناسب مع متطلبات مجتمع محلي.