كثيرون الذين يفدون إلى هذه البلاد، وقليلون الذين تتم الاستفادة منهم بما يكفي ويرضي، ولعل طبيعة هذه البلاد تهيئ لمجيء العديد من العقول والخبرات العلمية والثقافية التي تأتي للحج أو العمرة مثلاً ويمكن الاستفادة من وجودها بالمملكة ولكن الذي يحصل في الغالب هو إهدار تلك الفرص. وخلال الأسبوعين الماضيين حضر إلى المملكة عدد من المفكرين والنقاد والشعراء وكانت لهم مشاركات في فعاليات سوق عكاظ الرابع الذي أقيم في الفترة من (19/10) وحتى (29/10) وقد أقيمت حوارات ومناقشات لمجموعة من هؤلاء الضيوف مع المثقفين السعوديين في سوق عكاظ وفي الفندق، وكانت لهذه اللقاءات أصداء إيجابية بين الحضور وقد أحسنت القناة الثقافية صنعًا حين استضافت وعلى مدى خمس ليال مجموعة من هؤلاء فنقلت طرفًا من الفعل الثقافي إلى المشاهدين في منازلهم وعرفتهم على بعض الأدباء والمفكرين المميزين من أمثال الدكتور عبدالواحد لؤلؤة من العراق والدكتور مبروك المناعي من تونس والدكتور أحمد درويش من مصر والدكتور يعقوب البيطار من سوريا. والشاعر اللبناني شوقي بزيع مصطفى شاعر عكاظ، والشاعر السوداني الكبير محيي الدين الفاتح والشاعرة الجزائرية القادمة من باريس زينب الأعرج والشاعر السوري رضا بلال والشاعر الأردني الشاب خلدون الجعافرة والشاعر المصري سمير فراج وزميله الشاعر أحمد سويلم. ولا شك أن هذه فرصة مواتية للاستفادة منهم والاستماع إليهم والتعرف على تجاربهم ويجب أن يشجع وجودهم أقرانهم للمشاركة معهم ولا ينبغي أن يكون هذا مخيفًا ويدعو إلى القلق من الجلوس بجوارهم على طاولة واحدة، فالأفكار تتلاقح والمهارات تتطور والأجيال تتجاور. والشيء الذي يتوقف أمامه المرء في مثل هذه المناسبات أن هذه الكوكبة من المفكرين والشعراء لم تستفد منهم كثير من الأجهزة والقطاعات الموجودة في المنطقة، فأساتذة الجامعات من النقاد والمفكرين لم توجه لهم الدعوة لإلقاء محاضرة أو المشاركة في حلقه بحث في أي من الجامعات الموجودة في المنطقة الغربية، لا في مكة ولا جدة ولا الطائف. والشعراء والنقاد كنا ننتظر أن نسمع أن أحدهم قدم أمسية أو حوارًا مهمًا في أحد الأندية الأدبية في مكة أو جدة أو الطائف مع أن مدة إقامتهم تستمر إلى أسبوعين، قد يقول قائل إن جمهور الطائف استمع إليهم في سوق عكاظ ولكن ماذا عن جمهور المدن الأخرى وماذا عن الجوانب الأخرى والموضوعات الكثيرة التي يمكن لهؤلاء أن يشاركوا فيها، ولهذا فإنه من المهم أن نستفيد من كل العقول التي تصل إلى هذه البلاد وأن نحسن استغلال مثل هذه الفرص الثقافية.