أن تدلف من بوابة الثقافة متجردًا لها، طارحًا حظوظ النفس، لا تروم إلا أن تكون عاملًا في فضائها الواسع فهذا يعني أنك تسير على الطريق الصحيح، ويوشك أن تقطف ثمرة النجاح المؤمَّل الذي رجوتَه طوال كدحك في فضائها البهي. وحين تأتي إليها مقدِّمًا بين يديها مهرَها ممثَّلًا في ثقافتك العالية وخبرتك الإدارية الناضجة، فهذا يعطي دِلالة أكيدة على أن المخرجات ستكون على قدر المأمول، وأن الجهد سيبقى بالقوة نفسها ما لم تعترضه عوائق خارجة عن إرادة العامل. هذا ما لمسته في منظومة مجلس إدارة نادي الطائف الأدبي الثقافي الجديد برئاسة المثقف ذي الجهد الدؤوب الأستاذ حمَّاد السالمي الذي يستعذب العمل لأجل الثقافة. ولا أنسى مجيئه قبل ثلاث سنوات إلى ديارنا (العرضيتين) بمحافظة القنفذة لعمل حلقات موسعة عنها نُشرت بصحيفة الجزيرة بالاشتراك مع زميلنا عبدالله الرزقي مراسل الجزيرة الباحث في آثار العرضيتين. والحال نفسها عند نائب رئيس النادي الأستاذ المربي علي القرني الذي نقل خبرته الإدارية الممتدة في سلك التربية والتعليم إلى فضاء العمل الثقافي فكان نعم الإداري ونعم المثقف، وقس ذلك على بقية أعضاء مجلس الإدارة الفضلاء. أدبي الطائف قام كغيره من الأندية الأدبية لخدمة المجتمع عن طريق نشر الأدب والثقافة من خلال جملة المناشط والفعاليات التي يُفترض من أي نادٍ أدبي القيام بها. ولقد قام مجلس إدارة النادي -المشكَّل منذ فترة قصيرة- بأدوار بارزة يُشكر عليها تمثلت في حزمة من الفعاليات المنبرية بلغت (30) فعالية، وتمثلت في سَنِّ النادي لفكرة (نقل فعاليات النادي) للمراكز والمحافظات المجاورة، عن طريق خروج مجلس إدارة النادي لتلك المحافظات وإقامة بعض فعالياته فيها (وفق خطة مسبقة) بهدف ربط الأطراف بالمركز ثقافيًّا، وتشجيع المواهب المتوارية عن الأضواء. كذلك قام النادي بتوزيع العديد من الكتب والمطبوعات الفكرية والثقافية على شرائح المجتمع، وكرَّم بعض رموز الطائف في لفتة إنسانية تحسب للنادي، بالإضافة لمشاركته الفاعلة في التظاهرة الثقافية السنوية (سوق عكاظ)، كذلك عمل النادي على انتظام صدور دورياته (وج، مجاز، راصد) بشكل ومضمون رائعين، ويستعد النادي -لأول مرة- لإقامة ملتقى (ملتقى وج الثقافي الأول). أما آخر إنجازات النادي فتمثلت في إصداره (20) كتابًا جديدًا و(5) كتب تحت الطبع شملت الشعر والقصة والفكر والشخصيات والتراث. وكم كان عصر الثلاثاء الماضي بهيجًا والنادي يتشرف بمعالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة ليُدشن جملة إصدارات النادي الجديدة بحضور وزير الثقافة القطري الدكتور حمد الكواري ووكيل الوزارة للشؤون الثقافية المكلف الدكتور عبدالله الجاسر ومدير عام الأندية الأدبية الأستاذ عبدالله الأفندي وثلة من رؤساء الأندية الأدبية ورجال الفكر والثقافة ضيوف سوق عكاظ. وكم كانت سعادتي بالغة بلقاء معاليه والتشرُّف بإمضائه على ديواني ضمن سلسلة الإصدارات الحديثة لأدبي الطائف. ولا أنسى للنادي فضله إذ هيَّأ الفرصة للقاء بعض المثقفين الذين لا نراهم إلا عبر العالم الافتراضي فكانت تلك الفعالية فرصة للقائهم والتحدث إليهم. وكان ممن سعدت بلقائه زميل الحرف السبَّاق في أزقَّة الأدب والثقافة الأستاذ (أحمد العرفج) الذي أهديته ديواني وأنا (مُفْكِرٌ) في انطباعاته التالية لقراءته الديوان -وعسى أن يكون الانطباع العرفجي حسنًا- بالإضافة للقاء سعادة الدكتور راشد الحارثي الأكاديمي بجامعة الطائف وعدد من المثقفين. ويبقى شاهدنا فيما سبق أن مَن أتى وهو مُؤسَّسٌ ثقافيًّا راغبًا في العمل الخالص لخدمة الثقافة وليس (الترزُّز) والوجاهة، واضعًا نصب عينيه تحقيق الأهداف العليا لسياسة الوزارة من خلال الأندية الأدبية وغيرها، ولا يشعر بأن الثقافة تفتخر به بل هو مَن يفتخر بها فإنه بذلك يحقق طموحات الوزارة ويضمن تحقُّق الأهداف، فالمثقف الحقيقي لا يكتفي بالتزيِّي بالثقافة بل يقرنها بالعمل الجاد لأجلها، وهذا ما لمستُه في مجلس إدارة أدبي الطائف، وأمثالهم كثير ما هم. [email protected]