اعتدت دوماً أن تكون لدي عدسة لاقطة.. وذاكرة تخزين احتفظ فيها بما تلتقطه عدستي من أمور وقضاي وأحداث تحدث حولي أو في الحياة على اتساع مساحاتها. كما اعتدت أن أفكر بصمت.. وأفكر بصوت مسموع أيضاً. واليوم .. قررت أن أشارككم التفكير في بعض المواضيع والقضايا التي شغلت حيّزاً في ذاكرة التخزين لديّ.. والتقطت صورها وأحداثها عدستي اللاقطة. فأحياناً يكون التفكير بصوت مسموع عملاً جماعياً رائعاً يعطي ثماراً طيبة.. وأفكاراً إبداعية.. ويعوّد على المشاركة وعدم التمركز حول الفكر الذاتي.. خاصة وأن أفكاري المسموعة المقروءة لهذا اليوم لا تخصّني موضوعاتها وحدي.. بل تمسّنا جميعاً. * أول فكرة أودّ أن أشارككم التفكير فيها هي العمل الجماعي في مجتمعنا وثقافتنا. إننا جميعاً نعلم أن العمل الجماعي مهمّ جداً.. ومع ذلك فهو يعدّ تحدّياً عظيماً بالنسبة لكثيرين منّا.. لأنه ينتهي في - كثير من الأحيان – إلى إلقاء المسؤوليات على الآخرين.. والاتكال عليهم.. أو سرقة مجهودهم والتستّر خلف إنجازاتهم ونسبها لغيرهم.. وفي أحسن الأحوال ينتهي لمنافسة الآخرين بدلاً من التعاون معهم.. فمهارة العمل الجماعي وثقافته وأخلاقياته لا جذور قوية لها في مجتمعنا. وقد رصدت عدستي اللاقطة نمواً هائلاً في الأخطاء التي يقع فيها الكثيرون فيما يتعلق بالعمل الجماعي. فكثيرون هم من يقعون في فخ الظن أن طلب مساعدة الآخرين أو مشاركتهم في العمل أو الإنجاز يعني أنهم ليسوا أكفاء..! كما أن كثيرين يستغلون العمل الجماعي ليتواكلوا على غيرهم.. أو ينسبوا لأنفسهم نجاحاً ليسوا وحدهم الذين حققوه.. أعترف أنني أيضاً أقع في الخطأ نفسه.. ولكن بطريقة أخرى.. إذ لا يروق لي أن يتبنّى الآخرون منهجاً مخالفاً لرؤيتي للأمور.. وأجدني أريدهم أن يتبنّوا النهج الذي أنتهجه.. رغم أني أتيح الفرص للإبداع والعصف الذهني.. لقد استطعت أن أواجه خطئي وأعترف به. فهل نجد معترفين آخرين بأخطائهم..؟!وهل يصحح المجتمع مساره ويغرس في أبنائه ثقافة العمل الجماعي الصحيحة؟! هل تعتقدون مثلي أن ذلك سيغيّر من واقعنا إلى الأفضل..؟! مجرد سؤال يطرحه تفكير مسموع ومقروء..! * فكرة أخرى أفكر فيها معكم بصوت مسموع ومقروء.. وهي: هل نميل إلى الاعتراف بالأفكار السديدة ؟!.. أم أننا نشأنا وتشبّعنا بنزعة انتقاد الأفكار السديدة ووصمها بالعقم..؟ أم اعتدنا على عدم الإنصات إليها وتجاهلها..؟! إننا نسعد حينما نشعر بأننا نتمتع بعقول نشطة.. وأفكار سديدة يمكن أن تسهم في حلّ مشكلة ما.. أو التخلّص من ورطة ما.. أو توجد فرصة جديدة. لكن – أليس معظمنا – معشر أصحاب الأفكار السديدة – نعاني من أننا لا نجد من ينصت إلى أفكارنا..؟! أليس منّا من واجه حقيقة أن أفكاره سُرقت أو ضاعت..؟ إنني عادة ما أحضر اجتماعات ولقاءات وأنظر بأسف لكمّ الأفكار الرائعة التي تهدر.. وأشعر بالأسى لكمّ الأفكار التافهة التي يُنصت إليها لمجرد أن صاحبها ، صاحب مركز أو منصب أو سلطة أو جاه..!! هل العيب فيمن يطرح الأفكار أو فيمن يسمعها..؟! سؤال أتمنى أن أجد له جواباً لديكم..!!