(إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ).. بهذه الآيات المباركات برّأ الله سبحانه وتعالى الصدّيقة بنت الصديق السيدة عائشة.. آيات بيّنات مباركات يُتعبّد بها إلى قيام الساعة، وتدوّي بها محاريب المسلمين. ما كل هذا الشرف! وما كل هذه المكانة عند الله سبحانه وتعالى! كيف لا وهي زوجة خير خلق الله كلهم، صلى الله عليه وآله وسلم وحبيبته، اختارها الله له من دون النساء، وفضّلها على كثير ممّن خلق من الرجال والنساء تفضيلاً.. فهي التي عاشت مع رسولنا الحبيب من نعومة أظفارها حتى توفي بين سحرها ونحرها صلى الله عليه وآله وسلم، وهي الوحيدة من زوجاته التي نزل على رسولنا الوحي وهو في لحافها. عالمة، فقيهة، فاضلة، زاهدة، عابدة.. لو استعملنا كل كلمات المدح والثناء لا نستطيع أن نوفيها حقّها من الفضل والمكانة والرفعة. سأل عمرو بن العاص -رضي الله عنه- رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أحب الناس إليك؟ قال: عائشة. فقال: ومن الرجال؟ قال: أبوها.. ابنة مَن هي؟ هي ابنة الصدِّيق -رضي الله عنه وأرضاه- هذا الرجل الذي صدّق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكان سندًا وأخًا له. هاجر معه، وكان خليفته على المسلمين من بعده، وبعد كل هذا الثناء والبراءة من السماء، نجد أناسًا امتلأت قلوبهم كفرًا، ونفاقًا، وخبثًا يحرّفون الكلم عن مواضعه، ويطعنون في أشرف عرض، وأشرف امرأة! يفرّقون بذلك بين المسلمين، ويثيرون الفتنة بينهم، ويتجرّأون على الله ورسوله تحت ستار حبّهم لآل البيت عليهم السلام، وآل البيت منهم براء. يفسدون على الناس دينهم، وعقيدتهم، وإسلامهم. مَن لهذا الإفك الجديد؟ ومَن لهؤلاء الزنادقة الخبثاء؟ اللهم كما أنزلت براءتها بخبر من السماء، أنزل على مَن ظلمها، وتطاول عليها صاعقة من السماء. (وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون). فداك أبي وأمي يا رسول الله، فداك أهلي ومالي وروحي. اللهم هذا ما أملك في الدفاع عن عرض نبيك، وحبيبك محمد صلى الله عليه وآله وسلم. (وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيم). (ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا). جمال عثمان حافظ - جدة