تقول الأنباء إن الشعب السعودي يصرف مبلغ 3 مليارات و700 مليون دولار..! أي ما يعادل 13 مليارا و912 مليون ريال سعودي سنوياً على الهواتف والأجهزة الإلكترونية..! إنه مبلغ كبير جداً وهائل، ويدل على مدى البذخ والترف الذي يعيشه بعض مواطني السعودية..! وهذا المبلغ يعادل ميزانية بلد من البلدان النامية الفقيرة..! وقد صُرف ثلاثة أرباع هذا المبلغ في أسلوب التبديل المتكرر والتجديد غير المبرر لهذه الهواتف والأجهزة..! فبعضنا يحب المباهاة والتغيير..! فالإسراف من سمة البعض، والكرم الذي تخطى الكرم الحاتمي بمراحل كبيرة إلى درجة (البَطر) هو من العادات والطباع الراسخة التي لن يحيد عنها البعض، إذ أنه متجذر في أنفس البعض..! وهناك تجاهل لسخط الفقراء والمساكين على هذا الأسلوب لحاجة غالبيتهم إلى كسرة الخبز لتسد جوع أطفالهم، خصوصاً أن جزءاً من الشعب السعودي يعيشون فقراً مدقعاً، وعيشاً متواضعاً بسبب الغلاء الفاحش..! والأحواش والخرائب غير المرئية في الأزقة والحواري المليئة بالسكان والمستورة بالكراتين والصفيح وكسارة الخشب والخيش، وقطع القماش البالية تتكلم عن نفسها..! وأمثال هؤلاء المسرفين والمبذرين بمباهاتهم و(فشخرتهم) هذه يغطون على حال هؤلاء الفقراء والمعدمين مما يظهر للملأ أن جميع طبقات الشعب السعودي تعيش في رغد ورفاهية وسعة في الرزق..! وهنا نطلب من هؤلاء المسرفين والمبذرين بدلاً من ضياع فلوسهم فيما لا ينفع ولا يفيد، أن يتذكروا إخوانهم وبني جلدتهم من الفقراء والمساكين، ومن هم بحاجة ملحة وماسة إلى هذه المبالغ المهدرة لتفرج كربهم وتدخل السرور إلى قلوبهم..! فالتكافل والتعاون فرضه الإسلام علينا..! وما دمنا نتكلم عن التبذير والإسراف نجدها مناسبة لنُذكِّر بصنفٍ آخر من البشر لا يختلفون كثيراً عن هؤلاء حين يحلو لهم الصرف في تعدد السيارات وتجديد الموديلات سريعاً والمبالغة في شراء الملابس، والتعدد الدوري لفرش البيت والأجهزة، وتعدد السكن والمبالغة في أعداد الخدم والسائقين، والإسراف في الماء والكهرباء، والتبذير في الولائم والمناسبات والأفراح..! وهذه الأخيرة تشهد عليها مَكبَّاتُ وبراميل الزِّبالة والقمامة في الشوارع والحواري والأزقة وأركان قصور الأفراح..! فهل هذه الأفعال من أخلاقيات الإنسان المسلم..؟! وأخيراً نقول: صحيح أننا لا بد أن نواكب العصر الإلكتروني في شراء الأجهزة والوسائل التي تجعلنا نعيش مع عصر التقنية ومتطلباته وأن نعيش كما يحلو لنا من رفاهية، لكن بوسطية ومعقولية، فالله جلّت قدرته يقول: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا) الأعراف 31، ولنلاحظ هذه القاعدة الذهبية بل الألماسية في ديننا وهى جملة «ولا تسرفوا»، فعلينا أن نتذكر أن الله رقيب علينا، وفى قوله تعالى في سورة الرعد: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) آية 11، فالتناقض يحفنا في أحوالنا وتصرفاتنا، فمع إسراف بعضنا نطلب من الله أن يغيثنا بالمطر..! سبحان الله. [email protected] فاكس: 048470836