لشهر رمضان حرمة عظيمة مؤكدة، فلا يجوز إفطار يوم منه إلا بعذر شرعي، فمن أفطر منه يوما بدون أي عذر فقد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب، وتجرأ على حدود الله تعالى، يقول رسول الله: «من أفطر يوما من رمضان من غير رخصة ولا مرض لم يقض عنه صوم الدهر كله وإن صامه» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه، ومعنى الحديث أن من وجب عليه صوم رمضان بتوافر شروط الوجوب فيه - وهي الإسلام والبلوغ والعقل والقدرة -، فتعمد الإفطار في نهاره من غير عذر شرعي كمرض أو هرم أو سفر أو حيض أو نفاس أو حمل أو رضاع، فقد ارتكب إثما لا يرفعه عنه صيام الدهر كله بدون توبة، بل يجب عليه أن يتوب إلى الله توبة نصوحا مقترنة بالندم على جرأته على مخالفة أمر الله وعزمه الأكيد على الخضوع لأمر الله والوقوف عند حدوده، ويجب عليه أن يقضي الأيام التي أفطرها بدون عذر. ولكن قد يرتكب الصائم بعض المفطرات نسيانا منه للصوم أو جهلا منه بحرمة إتيانها أو قد يكون مكرها عليها، ففي هذه الحالة فإن الإثم مرفوع عنه لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله تجاوز - وفي رواية: وضع - عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» رواه ابن ماجه، ولخصوص قول النبي: «من نسي وهو صائم، فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه» رواه البخاري ومسلم وأحمد وابن ماجه، وقد اتفقت كلمة جمهور العلماء على صحة صومه، وأنه لا يلزمه أن يقضيه، ورأى المالكية أنه يلزمه قضاء ذلك اليوم، وأن المرفوع عنه هو الإثم فقط. ومن منافيات الصيام التي يعفى عنها إذا وقعت للصائم رغما عنه: 1. الاحتلام وهو الإنزال أثناء النوم، وقد اتفقت كلمة الفقهاء على أن الاحتلام لا يبطل الصوم، واختلفوا في الإنزال المقترن بالنظر، ولذلك فإنه مما يجدر التنبيه إليه أن ينزه الصائم بصره وسمعه عما يثير شهوته وغرائزه، فقد يفضي به الأمر إلى مس الزوجة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصيام جُنَّة، فإذا كان أحدكم صائما فلا يرفث ولا يجهل، فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم إني صائم» رواه مالك والبخاري وأحمد والنسائي وأبو داود، وقد ورد أن شابا جاء إلى النبي، فقال: يا رسول الله أقَبِّل وأنا صائم؟ قال: «لا»، ثم جاء شيخ فقال: أقَبِّل وأنا صائم؟ قال: «نعم»، فنظر بعض الصحابة إلى بعض، فقال رسول الله: «قد علمت لم نظر بعضكم إلى بعض، إن الشيخ يملك نفسه» رواه أحمد، وهذا ما أشارت إليه أم المؤمنين عائشة عندما ذكرت تقبيل رسول الله لها، فإنها قالت: وأيكم يملك إربه كما كان رسول الله يملك إربه، رواه مالك والبخاري ومسلم والنسائي وأبو داود والترمذي وابن ماجه. 2. خروج القيء، فقد قال رسول الله: «من ذرعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء عمدا فليقض» رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، وقد اتفقت كلمة الفقهاء عليه.